القرآن الكريم البحر المسجور[1]، وأقسم به، فقال تعالى:﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ
﴾(الطور:6)، وعبارة (سجر التنور) في اللغة: تعني (أوقد عليه حتى أحماه)،
وقد كان هذا المعنى مستغربا … ولعله لا يزال كذلك، فكيف يكون البحر مسجوراً والماء والحرارة من الأضداد؟
الجيولوجي: نعم … هذا مستغرب، فكيف ذكر القرآن هذا؟
علي: لقد ورد على بالي الآن بأن المقصود من ذلك هو الصدوع التي تكون في
قيعان المحيطات … فهذه الصدوع سمعت بأنه يندفع منها الصهارة الصخرية ذات الدرجات العالية
التي تسجر البحر، فلا الماء على كثرته يستطيع أن يطفىء جذوة هذه الحرارة
الملتهبة، ولا هذه الصهارة على ارتفاع درجة حرارتها، وهي أكثر من ألف درجة مئوية
قادرة أن تبخر هذا الماء.
الجيولوجي: أجل … ذلك صحيح، فهذه الظاهرة من أكثر ظواهر الأرض إبهاراً للعلماء، وقد قام
العالمان الروسيان (أناتول سجابفتيش)، وهو عالم جيولوجيا، و(يوري بجدانوف)، وهو
عالم أحياء وجيولوجيا، بالاشتراك مع العالم الأمريكي المعروف (رونا كلنت) بالغوص
قرب أحد أهم الصدوع في العالم، فقد غاصوا جميعاً، وهم على متن الغواصة الحديثة
ميرا، ووصلوا إلى نقطة الهدف على بعد 1750كم من شاطئ ميامي وغاصوا على بعد ميلين
من السطح، حيث وصلوا إلى الحمم المائية التي لم يكن يفصلهم عنها سوى كوة من
الأكرليك وكانت الحرارة 231 م وذلك في وادٍ على حافة جرف صخري، وكانت تتفجر من
تحتهم الينابيع الملتهبة، حيث توجد الشروخ الأرضية في قاع المحيط.
وقد لا حظوا أن المياه العلوية السطحية الباردة تندفع نحو الأسفل بعمق ميل
واحد فتقترب من الحمم البركانية الملتهبة والمنصهرة فتسخن، ثم تندفع محملة
بالقاذوراة والمعادن الملتهبة، وقد تأكد العلماء أن هذه الظاهرة في كل البحار
والمحيطات تكثر في مكان وتقل في
[1]سنذكر هنا
التفسير العلمي لقوله تعالى:﴿ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾(الطور:6)،
انظر في هذا: كتاب (آيات الله في البحار)، تأليف:أحمد صوفي.