داروين: فلنفرض صحة ما تقول.. ولكن ما الذي يمنعني من التصريح بتهاتفها؟
علي: يمنعك من ذلك عامل خطير، مارسه بكل عنف دعاة التطور.
داروين: ما الذي تقصد؟
علي: إن أخطر الادعاءات التي يكثر أنصار التطور ترديدها كل حين، تلك الكذبة
القائلة بأن نظرية التطور هي الأساس لعلم الأحياء.. بل ينشر هؤلاء أن علم الأحياء
لا يمكن أن يتطور، بل حتى أن يوجد، بدون نظرية التطور.
ولو صح هذا الادعاء، لكان معنى ذلك أن العالم لم يعرف العلوم الحيوية إلا
بعد ظهور نظرية التطور، وأن كل هذه العلوم وليدة تلك النظرية. ومع ذلك، فالكثير من
فروع علم الأحياء، مثل علوم التشريح، ووظائف الأعضاء، والحفريات، نشأت وتطورت قبل
نظرية التطور.
سكت قليلا، ثم قال: أتدري ما الأسلوب الذي استخدمه أنصار التطور ليبثوا
الرعب في نفوس العلماء حتى يستسلموا لها؟
داروين: ما هو هذا الأسلوب؟
علي: إنهم يستخدمون أسلوبا مشابها لذلك الذي حصل في الاتحاد السوفييتي إبان
عهد ستالين.. ففي تلك الفترة، اعتبرت الشيوعية، الأيديولوجية الرسمية للاتحاد
السوفييتي أن فلسفة (المادية الجدلية) هي الأساس لكل العلوم.. ولذلك أمر ستالين
بأن تتمشى كل البحوث العلمية مع المادية الجدلية.
ومع ذلك، تم رفع هذا الالتزام عند انهيار الاتحاد السوفييتي، وعادت الكتب
إلى كونها نصوصا علمية فنية عادية تحتوي على نفس المعلومات.. بل إن التخلي عن
سخافات مثل المادية الجدلية لم يتسبب في تخلف العلم، بل أزال عن كاهله الضغوط
والالتزامات المفروضة عليه.
وفي الوقت الحاضر، لا يوجد سبب يدعو إلى ربط العلم بنظرية التطور، فالعلم
يقوم على