علي: لكن الحقائق الكبرى ـ التي تبينها الوثيقة الإلهية التي تنطوي على
حقائق الوجود وأسراره ـ تخبر أن هذا الكون لا يحوي أحياء فقط، بل هو نفسه حي، بكل
ما تحمله هذه الكلمة من معاني.
أما ما نتصوره نحن من حياة فهو صورة فقط من صور الحياة، وهي صورة ارتباطات
مادية حيوية بعضها ببعض.
وكما أن العلم الحديث يقر بوجود حياة في الخلية الواحدة، سواء كانت ضمن نسيج
واحد أو كانت مستقلة منفردة، فكذلك تنبئنا النصوص الشرعية أن الكون كله حي جملة
وتفصيلا، وكل ذرة فيه أو ما دونها كائن حي له حقيقته التي استدعت وجوده، كما أن له
صورته التي نعرفه من خلالها.
داروين: أتقصد أن كل ما نراه من جمادات حي.. له حياة يعي بها؟
علي: أجل.. هذا ما تنبئنا عنه النصوص المقدسة..
داروين: ولكن الحياة تقتضي أشياء كثيرة..
علي: تلك الحياة التي نعرفها نحن.. أما الحياة في صورتها الحقيقية، فلا
تستدعي ذلك.
داروين: كيف ذلك؟
علي: أنتم مثلا تلتزمون بأنه لا يمكن أن تكون هناك حياة من دون الأوكسجين؟
داروين: أجل.. فهو ضروري للطاقة التي يحتاجها الكائن الحي ليستمر وجوده.
علي: هذا بحسب وعينا.. ولكن الحقيقة غير ذلك.
داروين: كيف ذلك؟
علي: سأقرب لك الأمر.. ألا ترى أن الآلة الجامدة يمكن أن تتصرف تصرفات
كثيرة.. بل قد تؤدي من الخدمات ما نعجز نحن عن أدائه، ولكنها مع ذلك لا تستنشق
أوكسجينا، ولا تزفر