قال الثاني: نعم.. وقد قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في ذلك:(ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر،
وإنما كان الذي أوتيته وحياً، أو حاه الله إلى، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم
القيامة) [1]
وقد قال ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث:(ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم
القيامة، وخرقه للعادة في أسلوبه، وفي بلاغته، وإخباره بالمغيبات، فلا يمر عصر من
الأعصار، إلا ويظهر فيه شئ مما أخبر به أنه سيكون ؛ يدل على صحة دعواه … فعم نفعه من حضر، ومن
غاب، ومن وجد، ومن سيوجد) [2]
قال الأول: صدق ابن حجر.. ولكن هل ترى النصوص التي تخبر عن إعجاز القرآن تخص
ذلك بالبلاغة أو النظم أو التنبؤ بالأمور الغيبية.. أم أنها تطلق التحدي إطلاقا؟
قال الثاني: بل تطلقه إطلاقا.. فالله تعالى يقول:﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ
فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ
وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾
(البقرة:23)
قال الأول: فهو يتحداهم بسورة من مثله من غير أن يبين لهم أسرار الإعجاز
التي تحتويها تلك السورة.
قال الثاني: ولكن هذا قد يفهم من سياق الكلام.. فالقرآن يتحدى البلغاء
الفصحاء.. وهذا يعني أنه يتحداهم في ميدانهم.
قال الأول: فأنت ترى أن هذه الآية كانت خاصة بعصر النبوة، أو أنها كانت خاصة
ببلاد