وقد عبر عن معرفته لله بحسب حاله، فذكر من صفات الله أنه ﴿ يُخْرِجُ
الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا
تُعْلِنُونَ﴾
أما النملة، فقد وردت قصتها في قوله تعالى:﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا
عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا
مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا
يَشْعُرُونَ ﴾(النمل:18)
وهي تمثل بقولها هذا عالما جليلا من عوالم الرحمة والتكافل والأدب مما يقصر
الكثير من البشر المتطاولون عن البلوغ إليه.
فقد كانت في موضع تهديد بوطء جيش سليمان u لها، فلم تكتف في تلك اللحظة المملوءة بالرعب أن
تفر بنفسها، بل التفتت إلى النمل من أصحابها أن يفروا بأنفسهم.
وهي في تلك اللحظة لم تتخل عن الأدب، فذكرت عذر سليمان u وجنوده، وهو أنهم قد
يطؤونهم من غير شعور منهم، وهو خلق نبيل قل من يكون عليه من البشر.
علي: صدق الله العظيم.. أتدري سوء ما يفهمه بعض قومنا من هذا؟
حذيفة: وما يفهمون؟
علي: يقصرون الأمر على سليمان u، ويحجرون على غيره أن يكلم حيوانا، أو يكلمه حيوان.
حذيفة: صدقوا فيما ذهبوا إليه، فقد طلب سليمان u ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، كما قال
تعالى:﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ
مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (صّ:35)، وهذا من ذاك.