علي: لم كل هذا الاهتمام بهذه الفكرة.. وما علاقتها بالمادية والإلحاد؟
الفلكي: هذه الفكرة عن الكون اللامتناهي تتلاءم تماماً مع الإلحاد.. وليس من
الصعب معرفة السبب.. لأن فكرة أن للكون بداية تقتضي أنه مخلوق، وهذا يتطلب الإقرار
بوجود خالق، لذلك كان من المريح جداً، ومن الأكثر سلامة بأن يدار العرض بطريقة
خادعة، فتوضع أولاً فكرة أن (الكون موجود سرمدي) حتى ولو لم يكن هناك قاعدة علمية
ولو كانت ضعيفة لتأكيد تلك الفكرة.
أعتنق (جورج بوليتزر) تلك الفكرة ودافع عنها في كتبة المنشورة في أوائل
القرن العشرين، وكان النصير الغيور لكلا النظريتين الماركسية والمادية، وآمن بفكرة
الكون اللامتناهي، وعارض بولتزر فكرة الخلق في كتابه (المبادئ الأساسية في
الفلسفة)
كان بوليتزر يتصور أن العلم يقف إلى جانبه في رفضه لفكرة الخلق، ودفاعه عن
فكرة الكون السرمدي، بيد أنه لم يمض زمن طويل حتى أثبت العلم الحقيقة التي افترضها
بوليتزر بقوله:(.. وإذا كان الأمر كذلك فإنه ينبغي القبول بفكرة الخالق..) بمعنى
أنه أثبت حقيقة أن للكون بداية.
قلت: كيف وصل العلم إلى ذلك.. ومتى؟
قال: كانت الأعوام التي تلت 1920 هامة في تطور علم الفلك الحديث، ففي عام
1922 كشف الفيزيائي الروسي ألكسندر فريدمان حسابات بين فيها أن تركيب الكون ليس
ساكناً، حتى أن أصغر اندفاع فيه ربما كان كافياً ليسبب تمدد التركيب بأكمله أو
لتقلصه، وذلك طبقاً لنظرية أينشتاين في النسبية.
وكان جورج لوميتر أول من أدرك أهمية الأعمال التي كان فريدمان يقوم بها
وبناء على تلك الحسابات أعلن الفلكي البلجيكي لوميتر أن للكون بداية، وأنه في تمدد
متواصل، وصرح