علي: أجل.. فالقسم في القرآن لا يذكر إلا لضرورة المقسم به، لاستقامة الكون
ومكوناته، أو لاستقامة الحياة فيه، أو لكليهما معا.. ذلك لأن الله تعالى غني عن
القسم لعباده.
الفلكي: ولهذا، فإن معني الطارق الذي هو النجم الثاقب لا يتحدد إلا بمعرفة
دقيقة لطبيعة النجوم وأنواعها ومراحل تكونها.
علي: ولذلك قصدتك بهذا السؤال.. فهذه قضية علمية صرفة، ولابد من توظيف
المعارف العلمية لفهم دلالاتها.. فلا يمكن لتلك الدلالات أن تتضح في الإطار اللغوي
وحده.
الفلكي: ولكن الدلالات اللغوية هي التي تحدد لنا خصائص المذكور لنعرف من
خلالها من تنطبق عليه تلك الخصائص.
علي: أجل.. وسأوضح لك ذلك.. فكلمة (الطارق) اسم فاعل من الطرق بمعني الضرب
بشدة، وأصل الطرق الدق، ومنه سميت المطرقة التي يطرق بها، وهذا هو الأصل، ولكن
الكلمة مع ذلك استخدمت من باب المجاز لتدل على الطريق، أي السبيل، لأن السابلة
تطرقها بأقدامها، ثم صارت اسما لسالك الطريق، باعتبار أنه يطرقها بقدميه.
واستخدم لفظ الطارق كذلك علي سبيل المجاز للتعبير عن كل ما جاء بليل، فسمي
قاصد الليل طارقا لاحتياجه إلي طرق الأبواب المغلقة.
ثم اتسع هذا الاستعمال المجازي ليشمل كل ما ظهر بليل، ثم زيد في توسيعه
حتي أطلق علي الصور الخيالية البادية لبعض الناس بالليل.
أما الثاقب الذي هو وصف للنجم.. فلم يرد إلا في هذا الموضع من القرآن الكريم..
مع أن النجوم قد ورد ذكرها في القرآن الكريم ثلاث عشرة مرة، أربع منها بالإفراد (النجم)،
وتسع بالجمع(النجوم)
ولم يوصف أي منها بالطارق النجم الثاقب، إلا في هذه الآيات، والتي حملت
اسم