قلت: أجل.. فكل العلماء الذين يستنتجون
القوانين يفعلون هذا.. إنهم ينطلقون من استقراء حالات معينة في فترة معينة، ثم
يحكمون من خلال ذلك، ثم يعممون الحكم.
قال: فما فعلته أنت اليوم إذن بهذه
المقاييس خرق للعادة!؟
قلت: يمكنك أن تقول ذلك.. بل نحن في
عرفنا نصف الكثير من تصرفاتنا بأنها خارقة للعادة، أو أنها مستحيلة.
قال: فكيف أجزتم لأنفسكم ـ وأنتم
الممتلئون ضعفا ـ أن تنخرق لكم العوائد، ولم تجيزوا لربكم أن يخرق العوائد لمن
شاء، وكيف شاء!؟
قلت: وعيت هذا.. ولكني أعلم أن لله سننا
في الكون.. وأنه لا تبديل لسنن الله، فكيف ينسجم هذا مع ما أراه؟
قال: هذا من سنن الله..
قلت: هذا خرق للعوائد.. فكيف تذكر أنه من
سنن الله؟
قال: أليست السنن هي القوانين التي تحكم
الأشياء؟
قلت: أجل.. فالله نظم الكون بنظام دقيق
محسوب لا ينخرق.
قال: سأضرب لك مثالا يوضح لك هذا.. لقد
من الله تعالى على إبراهيم u بأن
جعل النار بردا وسلاما عليه، فقال تعالى:﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي
بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ (الانبياء:69)
قلت: هذا خرق للعادة.. وقد تحقق لإبراهيم
u، لأنه نبي الله.. ولكن مع ذلك
فإن من قومي من يستحيي من ذكر مثل هذا..
قال: نعم إن ما حصل لإبراهيم u خرق للعادة، ولكنه ليس خرقا لسنن الله..
بل هو من سنن الله.. فسنن الله مطلقة لا تتبدل، ولا تتغير.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لقد كان إبراهيم u في تلك اللحظات يعيش حالة إيمانية
عالية.. لقد ألقي في