أما الحزب الثالث، وهو حزب اليعاقبة
فيعتقدون أن المسيح هو الله نزل إلى الأرض، وإلى ذلك يشير القرآن الكريم في قوله
تعالى:﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ
ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي
وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ
الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾
(المائدة:72).
ولم يكتفوا بهذا الانقسام الذي نص عليه
القرآن الكريم، بل إن الخلاف بينهم أخذ يزداد اتساعا ًوتعدداً كلما تقدمت الأيام،
كما ذكر القرآن الكريم.
ففي القرن الحادي عشر انقسمت الكنيسة إلى
فرعين: الكنيسة الغربية والكنيسة الشرقية، ثم أخذ الخلاف يتسع ويتشعب، وأخذت الفرق
تتوالد فتنشأ منها فرق جديدة وأحزاب جديدة رغماً من الجهود العديدة التي بذلت
لتوحيد الكنيسة.
ولم يقتصر الخلاف بينها على خلاف في
النظريات والعقائد والطقوس، بل تعداه إلى فتن دموية قامت بين تلك الطوائف، امتلأت
بها كتب التاريخ.
ومن أمثلتها ما ارتكبه الرومان مع أقباط
مصر، فقد كان الرومان على المذهب الملكاني، والمصريون معظمهم من اليعاقبة.. وعقب
استرداد هرقل لمصر حاول أن يوفق بين المذهبين، فأبى القبط ذلك، فلجأ الرومان إلى
القوة، وكان جزاء من يرفض تغيير عقيدته أن يجلد أو يضرب أو يلقى في السجن حتى يلقى
حتفه، وكان القساوسة من القبط يقتلون أو يشردون.
أما بطرقهم بنيامين، فقد اختفى وطلبه
الرومان، فلم يعثرا له على أثر.. وقد استمر هذا الإرهاب عشر سنين فتن فيها الناس
عن عقيدتهم، وأخذ الباقون يظهرون غير ما يبطنون تفادياً للعقاب.
[1] انظر رسالة ( الباحثون عن
الله) من هذه السلسلة.