ولو أن الأمة راجعت ما نقل
عنه من ذلك وحققت فيه، لاهتدت إلى الحق، ورفعت الخلاف بينها.
قالوا: فاذكر لنا من ذلك ما
نعلم به صدق ما ادعيته.
عبد القادر: لقد ذكر رسول
الله a المراحل التي تمر بها الأمة
من خيرها وشرها، فحدث حذيفة بن اليمان عن ذلك، فقال: كان الناس يسألون رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن
يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل
بعد الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: فهل بعد الشر من خير؟ قال: نعم. وفيه دخن. قلت:
وما دخنه؟ قال: قوم تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم،
دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله، فما تأمرني
إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا
إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت، وأنت
كذلك. قلت: يا رسول الله صفهم لنا. قال: هم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)[1]
فقد اختصر a في هذا الحديث كل الأطوار التي تمر بها
أمته، ثم بين نواحي الخلل فيها، وكيفية تداركه..
إن هذا الحديث ـ أيها الجمع
المبارك ـ يحمل في حد ذاته رسالة نصح للأمة لا ينتهي مددها.