منهم، وإن شئت أن نؤتـيهم الذي سألوا،
فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم، قال: (بل تستأنـي بهم)، فأنزل الله هذه
الآية.
هذا هو معنى الآية الرابعة، أما الآية
الخامسة، وهي قوله تعالى:﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ
رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾(الأنعام:37)
فلها نفس معاني الآيات السابقة، فهي تخبر
عن أولئك المستهزئين الساخرين، وهي لا تعني أبدا أن الله لم يجعل لنبيه من الآيات
ما يدل على نبوته.
التفت إلى بولس، وقال: إن هذه الآيات
جميعا تشير إلى هذه الحقيقة العظيمة.. حقيقة أن الأنبياء كان لهم من العقل والحكمة
بحيث لا يجعلون أنفسهم لعبة بيد الساخرين والمستهزئين يطلبون منهم كل ما تمليه
أهواؤهم.. ثم إن الله أعظم وأجل من أن يكون تحت رغبة كل فاسق مستهزئ من الكافرين
المنكرين لنبوة الأنبياء.
ومع ذلك.. فلنرجع للقرآن الذي تستدل به ـ
حضرة القس ـ على عدم ورود المعجزات من محمد a .. لتقرأه بعمق، وترى إثباته لمعجزات
محمد a كإثباته لمعجزات الأنبياء من
قبله.
فهاتان الآيتان، تشيران إلى وقوع الآيات
منه a، وأنهم كانوا يقابلونها بدعوى
أنها من السحر، كما حصل للأنبياء السابقين، كما قال تعالى عن موسى u:﴿ قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ
أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ﴾
(طـه: 71)
والله تعالى يقول في سورة القمر بعد ذكره
لمعجزة انشقاق القمر:﴿ وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ
مُّسْتَمِرٌّ(2) وكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ
مُّسْتَقِرٌّ(3) وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ(4)
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ(5)﴾(القمر)
والله تعالى يخبر أنهم رأوا الآيات
الكثيرة الدالة على صدق رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فهو يقول:﴿