ثم قال للمسلمين: اذهبوا فأنتم شُيُومٌ
بأرضي ـ والشيوم: الآمنون بلسان الحبشة ـ من سَبَّكم غَرِم، من سبكم غرم، من
سبكم غرم، ما أحب أن لى دَبْرًا من ذهب وإني آذيت رجلًا منكم ـ والدبر: الجبل
بلسان الحبشة.
ثم قال لحاشيته: ردّوا عليهما هداياهما
فلا حاجة لى بها، فوالله ما أخذ الله منـي الرشـوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشـوة
فيــه، وما أطاع الناس في فأطيعـهم فيه.
قالت أم سلمة التي تروى هذه القصة:
فخرجا من عنده مقبوحين مردودًا عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دار مع خير
جار.
ولما أخفق المشركون في مكيدتهم، وفشلوا
في استرداد المهاجرين استشاطوا غضبًا، وكادوا يتميزون غيظًا، فاشتدت ضراوتهم
وانقضوا على بقية المسلمين، ومدوا أيديهم إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بالسوء، وظهرت منهم تصرفات تدل على أنهم
أرادوا القضاء على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ؛
ليستأصلوا جذور الفتنة التي أقضت مضاجعهم، حسب زعمهم.
أما بالنسبة للمسلمين فإن الباقين منهم
في مكة كانوا قليلين جدًا، وكانوا إما ذوى شرف ومنعة، أو محتمين بجوار أحد، ومع
ذلك كانوا يخفون إسلامهم ويبتعدون عن أعين الطغاة بقدر الإمكان، ولكنهم مع هذه
الحيطة والحذر لم يسلموا كل السلامة من الأذى والخسف والجور [1].
الحصار
الاقتصادي:
عندما رأى أعداء محمد a أن البلاء الذي يعرضونه له لم يزده إلا
ثباتا اختاروا أسلوبا جديدا من الأساليب التي لا يزال الطغاة يمارسونها.