فرجع ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم،
فضربها بالمجن وأبصر القوم وهم متلثمون لا يشعر أنما ذلك فعل المسافر، فرعبهم الله
حين أبصروا حذيفة، وظنوا أن مكرهم قد ظهر عليه، فأسرعوا حتى خالطوا الناس.
وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فلما أدركه قال: (اضرب الراحلة يا
حذيفة، وامش أنت يا عمار)، فأسرعوا حتى استوى بأعلاها فخرجوا من العقبة ينتظرون
الناس، فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (يا
حذيفة، هل عرفت من هؤلاء الرهط، أو الركب أو أحدا منهم؟)، قال: عرفت راحلة فلان
وفلان، وقال: كانت ظلمة الليل وغشيتهم وهم متلثمون، فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (هل علمتم شأنهم وما أرادوا؟) قالوا:
لا، والله يا رسول الله، قال: (فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا أظلمت في العقبة
طرحوني منها، وإن الله تعالى قد أخبرني بأسمائهم، وأسماء آبائهم)، قيل: يا رسول
الله، أفلا تأمر بهم فتضرب أعناقهم، قال: (أكره أن يتحدث الناس، ويقولوا: ان محمدا
وضع يده في أصحابه)
فلما أصبح أرسل إليهم كلهم، فقال: (أردتم
كذا وكذا)، فحلفوا بالله ما قالوا، ولا أرادوا الذي سألهم عنه فذلك قوله
تعالى:﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ
الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا
نَقَمُوا إِلّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ
يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ
عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ
وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ (التوبة:74)، فهم اثنا عشر رجلا، حاربوا الله
ورسوله، وكان أبو عامر رأسهم، وله بنوا مسجد الضرار[1].
جند
الإخفاء:
ومن الجنود الذين حموا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من مؤامرات أعدائه جند الإخفاء.
[1] رواه ابن أبي حاتم وابو الشيخ عن الضحاك
والبيهقي.