بغضهما)، فقال له بحيرى: فبالله إلا ما
أخبرتني عما أسألك عنه، فقال له: (سلني عما بدا لك)، فجعل يسأله عن أشياء من حاله
في نومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يخبره، فيوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته، ثم نظر إلى ظهره، فرأى
خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده، فلما فرغ أقبل على عمه أبي
طالب فقال له: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني. قال له بحيرى: ما هو بابنك، وما
ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا؛ قال: فإنه ابن أخي ؛ قال: فما فعل أبوه؟ قال:
مات وأمه حبلى به قال: صدقت، فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه يهود فوالله لئن
رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع به
إلى بلاده[1].
رؤى صادقة:
عبد القادر: ومن الإرهاصات المعرفة بعظم
شأن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم رؤى كثيرة رؤيت تنبئ بأن محمدا a هو رسول الله الذي كان ينتظره العالم.
ومن تلك الرؤى ما حدث به أبو طالب عن
رؤيا أبيه عبد المطلب، قال: بينما أنا نائم في الحجر، رأيت رؤيا هالتني، ففزعت
منها فزعا شديدا، فأتيت كاهنة قريش وعلي مطرف خز وجمتي تضرب منكبي، فقلت لها: إني
رأيت الليلة كأن شجرة نبتت قد نال رأسها السماء، وضربت بأغصانها المشرق والمغرب،
وما رأيت نورا أزهر منها، أعظم من نور الشمس بسبعين ضعفا، ورأيت العرب والعجم لها
ساجدين، وهي تزداد كل ساعة عظما ونورا وارتفاعا، ساعة تخفى وساعة تظهر، ورأيت رهطا
من قريش قد تعلقوا بأغصانها، ورأيت قوما من قريش يريدون قطعها، فإذا دنوا منها
أخذهم شاب لم أر قط أحسن منه وجها، ولا أطيب منه ريحا، فيكسر أظهرهم ويقلع أعينهم،
فرفعت يدي لأتناول منها نصيبا، فلم أقدر فقلت: لمن النصيب؟