قال: لقد سمعت بأستاذ كبير
التقيت به في مصر.. كان اسمه (أفلوطين)[1].. فرح بي
كثيرا عندما عرف أنني تتلمذت على أفلاطون.. سألته حينها عن العالم، فقال: إن ما
تراه من هذا العالم المادي مجرد أوهام لا حقيقة لها..
سألته عن السياسة، فقال: هي أمر
تافه لا قيمه له.
سألته عن الجسم، فقال: هو سجن
مؤقت للروح.
سألته عن الحياة، فقال: هي رحلة
خلال صورة من الأوهام.. أما الحقيقة، فتقع بعيدًا في كائن وحيد كامل، هو مصدر كل
الحقيقة والخير والجمال.. أما الأرواح النقية، فيمكنها أن تأمل بالعودة إلى هناك..
قلت: أنا أبحث عن المعرفة في
الدنيا.
قال: في الدنيا يمكن أن يتحقق
ذلك في بعض الأحيان على صورة كشف روحي.. لقد جرّبت هذا الكشف الروحي.. وأنا أعتبره
منهجا من مناهج البحث عن الحقيقة.
قلت: لقد تتملذت على أفلاطون..
لكنه لم يذكر لي ما ذكرته لي.
قال: ربما لم تفهمه.. أنا أفهم
أفلاطون جيدا.. بل أعتبر نفسي الوريث الوحيد لأفلاطون..
قلت: لكني أسمع الناس يسمون منهجك
(الأفلاطونية المحدثة)[2]..
فهل أحدثت فيها
[1] أفلوطين (205؟ - 270؟م) هو
مؤسس المدرسة اليونانية الفلسفية التي تُعرف باسم (الأفلاطونية المحدثة)، قيل أنه وُلِدَ
في مصر، والتحق بحملة حربية إلى الشرق ليتعلم المزيد عن الفلسفة الهندية.. وقضى
سنوات حياته الأخيرة في التدريس بروما.. كان يكره الكتابة لكنه ألقى 54 محاضرة في
ست وحدات، كل وحدة تسع محاضرات تُسمَّى التُّساعيَّات.. يعكس تشاؤم أفلوطين فقط
جانبًا واحدًا من فلسفة أفلاطون حيث ينظر إلى الفلسفة كعزاء أو هروب من العالم..
وكان هذا هو الجانب الذي كان يحبه الرومانيون في عهد أفلوطين.
[2]الأفلاطونية المحدثة: هي مذهب
فلسفي تطوّر عن فلسفة أفلاطون، وأخذت أيضًا عناصر من أفكار فيثاغوروس، وأرسطو
والرواقيين.. وقد أسس أفلوطين الأفلاطونية المحدثة. أما رواد الأفلاطونية الآخرون
فهم أتباع أفلوطين بورفيري وبروكلس.