الأمراض المختلفة كأن تُترَك
أغطية مصابة بالجدري[1] كي
يأخذها الهـنود، فينتشر الوباء بينهـم ويتم إبادتهم تماماً..وكانت الحكومة
البريطانية في عصر الملك جورج الثالث تعطي مكافأة مالية لكل من يحضر فروة رأس هندي
قرينة على قتله.
واستمرت هذه التقاليد الغربية
الإبادية بعد استقلال أمريكا، بل تصاعدت بعد عام 1830 حين أصدر الرئيس جاكسون
قانون ترحيل الهنود، والذي تم بمقتضاه تجميع خمسين ألفاً من هنود الشيروكي من
جورجيا وترحيلهم أثناء فصل الشتاء سيراً على الأقدام إلى معسكر اعتقال خُصِّص لهم
في أوكلاهوما، وقد مات أغلبهم في الطريق.. وهذا شكل من أشكال الإبادة عن طريق
التهجير، فهو ـ شكلاً ـ نقل من مكان لآخر ولكنه حقيقة نقل من هذا العالم للعالم
الآخر.
وقد وصلت العملية الإبادية إلى
قمتها في معركة ونديد ني Wounded Knee (الركبة الجريحة) عام 1890.. وكانت الثمرة النهائية لعمليات
الإبادة هذه أنه لم يبق سوى نصف مليون من مجموع السكان الأصليين الذي كان يُقـدر
بنحو 6.5 مليون عـام 1500 لدى وصول الإنسان الأبيض، أي أنه تمت إبادة سـتة مليون
مواطن أصلي.. وهو رقم سحري لا يذكره أحد هذه الأيام، إذا لم نحـسب نسبة التزايد
الطبيعي[2].
وقد تكرر نفس النمط في أستراليا
التي كان يبلغ عدد سكانها الأصليين 2 مليون عند
[1]
يذكر المؤرخون أنه في عام 1763 أمر القائد الأمريكي (البريطاني الأصل) جفري أهرست
برمي بطانيات كانت تستخدم في مصحات علاج الجدري إلى الهنود الحمر بهدف نشر المرض
بينهم مما أدى إلى انتشار الوباء الذي نتج عنه موت الملايين من الهنود، ونتج عن
ذلك شبه إفناء للسكان الأصليين في القارة الأمريكية.
وقد كانت هذه
الحادثة أول وأكبر استخدام لأسلحة الدمار الشامل بشكلها الشامل ضد الهنود الحمر،
حتى أن القنابل النووية التي أطلقت بعد ذلك بما يزيد عن قرن ونيف على هيروشيما
وناكازاكي لم تكن اكثر فتكا من جرثومة الجدري المستخدمة ضد الهنود، حيث قتل من
اليابانيين 5% من عدد ضحايا الهنود في تلك المجزرة.
[2]يُقدر
البعض أن العدد الفعلي الذي تم إبادته منذ القرن السادس عشر حتى بداية القرن
العشرين قد يصل إلى عشرات الملايين.