وقد عبَّر كليفتون فاديمان[1] عن هذا الموقف
الإبادي بشكل متبلور.. فقد شن حملة كراهية ضارية ضد الألمان تشبه في كثير من
الوجوه الحملة التي شنها الغرب ضد العرب في الستينيات، والتي يشنها ضد المسلمين
والإسلام في الوقت الحاضر.. لقد جعل الهدف حملته (إضرام الكراهية لا ضد القيادة
النازية وحسب، وإنما ضد الألمان ككل.. فالطريقة الوحيدة لأن يفهم الألمان ما نقول
هو قتلهم.. فالعدوان النازي لا تقوم به عصابة صغيرة.. وإنما هـو التعبير النهـائي
عن أعمق غرائز الشعب الألماني، فهتلر هو تَجسُّد لقوى أكبر منه، والهرطقة التي
ينادي بها هتلر عمرها 2000 عام)، ومثل هذا الحديث لا يختلف كثيراً عن الحديث عن
عبء الرجل الأبيض وعن الخطر الإسلامي ومن قبله الخطر الأصفر.
وقد اشترك بعض الزعماء
والكُتَّاب اليهود في هذه الحملة، فصرح فلاديمير جابوتنسـكي عـام 1934 بأن مصلحـة
اليهود تتطلب الإبادة النهائية لألمانيا، فالشعب الألمـاني بأسره يُشكِّل تهديداً
لنا.
سكت قليلا، ثم قال: لا شك أنكم
قرأتم كتاب الكاتب الأمريكي تيودور كاوفمان بعنوان (لابد من إبادة ألمانيا).. إنه
من أهم الكتب المحرضة على الإبادة، وقد استفادت منه آلة الدعاية النازية، وبيَّنت
أبعاد المؤامرة الإبادية ضد الألمان، وهو ما شكَّل تبريراً لفكرة الإبادة النازية
نفسها.
لقد ورد في هذا الكتاب أن كل
الألمان، مهما كان توجههم السياسي (حتى لو كانوا معـادين للنازيـة، أو شـيوعيين،
أو حتى محبين لليهود) لا يستحقون الحياة، ولذا لابد من تجنيد آلاف الأطباء بعد
الحرب ليقوموا بتعقيمهم حتى يتسنى إبادة الجنس الألماني تماماً خلال ستين عاماً!
[1]
كان محرر مجلة النيو يوركر، وهي من أهم المجلات الأمريكية، ورئيس إحدى الوكالات
الأدبية التي أنشأتها الحكومة الأمريكية إبَّان الحرب بغرض الحرب النفسية.