سألك أحد عن عدم حزنك على
فأجيبيه إنه مات فى محاربة الإسلام)
بعدها حدثني هذا الجندي الذي
شهد هذه الحرب عن بعض مشاهداته، فقال:( شنق الإيطاليون في هذه الحرب أكثر من عشرين
ألفاً، وكان نحو من (1200) امرأة من نساء الأشراف قد فررن إلى الصحراء قبل وصول
الجيش الإيطالي، فأرسلوا قوة في أثرهن وسحبوهن إلى بلدة (الكفرة) حيث خلا بهن ضباط
الجيش الطلياني، وأنزلوا المعرات بسبعين أسرة شريفة من أشراف (الكفرة) اللواتي
كانت الشمس لا ترى وجوههن من الصون والعفاف، وقتل قائد الطليان شيوخ تلك البلدة
الذين احتجوا على هتك أعراض السيدات المذكورات، وقال ذلك القائد الذي أشرف على
تنفيذ أمر الإعدام: (ليأت محمد هذا نبيكم البدوي، الذي أمركم بالجهاد، وينقذكم من
أيدينا)
وحدثني المراسل النمساوي (هرمان
دنول)، قال: (قَتَلَ الطليان في غير ميدان الحرب كل عربي زاد عمره على (14) سنة،
وأحرقوا في (26 أكتوبر سنة 1911م) حياً كاملاًخلف بنك روما، بعد أن ذبحوا أكثر
سكانه، وكان من بينهم النساء والشيوخ والأطفال)
وقال لي آخر، وهو مدني كان شاهد
عيان: ( رجوت طبيبين عسكريين من أطباء المستشفى أن ينقلوا بعض المرضى المصابين
المطروحين على الأرض تحت حرارة الشمس فلم يفعلا، فلجأت إلى راهب من كبار جمعية
الصليب الأحمر، وهو الأب (يوسف فيلاكو)، وعرضت عليه الأمر، وأخبرت شاباً فرنسياً
أيضاً بذلك، لكن الأب حول نظره عني ونصح الشاب بأن لا يزعج نفسه بشأن عربي في
سكرات الموت وقال: (دعه يموت)
بعدها قدر الله أن ألتقي بـ
(برتولومي دي لاس كازاس)[1]
صاحب كتاب (وثائق إبادة
[1]ولد
(برتولومي دي لاس كازاس) عام 1474 م في قشتالة الأسبانية، من أسرة اشتهرت بالتجارة
البحرية. وكان والده قد رافق كولومبوس في رحلته الثانية إلى العالم الجديد عام 1493
م أي في السنة التالية لسقوط غرناطة وسقوط الأقنعة عن وجوه الملوك الأسبان
والكنيسة الغربية. ثم عاد أبوه مع كولومبوس بصحبة عبد هندي فتعرف برتولومي على هذا
العبد القادم من بلاد الهند الجديدة. بذلك بدأت قصته مع بلاد الهند وأهلها وهو ما
يزال صبيا في قشتاله يشاهد ما يرتكبه الأسبان من فضائع بالمسلمين وما يريقونه من
دمهم وإنسانيتهم في العالم الجديد. لقد جرى كل الدمين بالخبر اليقين أمام عيني هذا
الراهب الثائر على أخلاق أمته ورجال كنيستها، وبعثات تبشيرها : دم المسلمين ودم
الهنود، سكان القارة الأمريكية.