بعد أن حدثني أستاذي (يونج)
بتلك الأحاديث، بل أقنعني بها، لم يعد لي من هم في حياتي إلا البحث في الأساطير
والخرافات القديمة لأحاول أن أجد من خلالها حقيقتي..
كان البحث مضنيا.. وكان فك
الرموز أكثر صعوبة.. وفوق ذلك لم يكن لي من الدلائل ما يقنعني بصحة أي من
التحليلات الكثيرة المتناقضة.
في غمرة تلك الجهود الشاقة
جاءني أستاذي السادس، ليخرجني من تلك المتاهة، ويدخلني متاهة أخرى.
قلنا: من أستاذك السادس؟
قال: رجل يقال له (واطسون)[1].. شيخ
(المدرسة السلوكية)[2]..
كان يحمل بعض الآلات التي تعود علماء الطبيعة أن يحملوها.. وقد بدأني بقوله: دع
عنك أحاديث العجائز، وتعال إلي، فلن تعرف (أنا) من دوني.
قلت: ولكني أرى عليك ملامح
نيوتن[3] لا ملامح
فرويد.
[1]
هو جون برودس واطسون، (1878 - 1958م). عالم نفسي أمريكي هو زعيم المدرسة السلوكية
في علم النفس، وكان عمله الأول في مجال بيولوجيا وطب وسلوك الكائنات الحية الدنيا،
قد دفعه هذا إلى الشك في وجود العمليات العقلية التي يدعي علماء النفس دراستها،
وأخذ على عاتقه مهمة تقديم تفسير لسلوك كل من البشر والحيوانات في إطار بدني
وفسيولوجي خالص وذلك في كتابه (علم النفس من وجهة نظر عالم سلوكيات)
[2]
المدرسة السلوكية عبارة عن مجموعة من النظريات الفرعية التي ترتكز على أساس مسلمات
و مبادئ واحدة ومن النظريات السلوكية الرئيسية نظرية الاشراط الكلاسيكي بريادة
بافلوف ونظرية الاشراط الإجرائي بزعامة سكنر ونظرية التعلم الاجتماعي بريادة
باندورا ونظرية العلاج العقلاني الانفعالي لاليس ونظرية العلاج متعدد الوسائل
لازورس.
[3]النظرية
السلوكية متأثرة أساسا بنظرية نيوتن، مما أدى الى تسميتها بـ (النظرية الذرية) وهي
قريبة، في تحليلها السلوك بالفعل ورد الفعل، من الشكل الميكانيكي، فلكل فعل رد فعل
مساو له في المقدار، ومختلف عنه في الاتجاه.
ولهذا انتقدت النظرية
السلوكية من منطلق المقارنة بالنظرية الميكانيكية نفسه (نيوتن)، فهي تنطلق، في
تحليل السلوك، من المثيرات والاستجابات من دون الاهتمام بجانب الادراك في تفسير
السلوك.