انظروا تأثير ذلك عليه.. صار
الجرس عنده مثيرا.. لقد استطعت أن أستبدل رائحة الطعام بصوت الجرس.
التفت إلى صاحبي، وقلت: لقد
أخبرتني أنك ستدلني على الإنسان.. فأين هو الإنسان؟
أشار إلى الكلب، وقال: هذا هو
الإنسان.
قلت: هذا كلب.. وليس إنسانا.
ضحك مع صاحبه بافلوف ضحكة
عالية، ثم قال: نعم.. هناك فروق بينهما.. لكن مع ذلك نستطيع أن ندرس الإنسان من
خلال دراستنا للكلب.. بل للحشرات..
قلت: ما الجامع بينهما؟
قال: ألم يفسر نيوتن جميع
حركات الكون من خلال تفاحة؟.. فكذلك نحن يمكننا أن نفسر كل الظواهر السلوكية
للإنسان من خلال الظواهر السلوكية للكلاب.
قالا لي هذا.. ثم سارا بي في
متاهات كثيرة.. ومدة طويلة من الزمان صرت أرى فيها نفسي كما أرى أي آلة.. وقد
عذبتني هذه الرؤية كثيرا..
قلنا: فكيف استطعت أن تتخلص
منها؟.. وكيف استطعت أن تتخلص من تأثير هذا الأستاذ، وهو يحمل معه ذلك السلاح
الخطير.. سلاح العلم؟
قال: بالعلم استطعت أن أتخلص
من ذلك الهذيان الذي كان يملأ رأسي به.
قلنا: العلم!؟
قال: أجل.. وقد بدأت
بالفيزياء، ذلك العلم الذي استند إليه أستاذي في اختصار الإنسان في آلات الإنسان..
لقد وجدت أن التطور العلمي في
الفيزياء أطاح بتلك النظريات الآلية التي كانت تفسر الكون، فلم تعد المادة واضحة
متماسكة تشكّل حيّزاً من الفراغ، كما كان يُعتقد، لقد أصبحت عالماً من الطلاسم
والألغاز، وصارت شبكة من الشحنات الكهربائية، وسلسلة من الأحداث