فيزياء القرن العشرين بكشوفاتها
الجديدة لم تكمل ما قام به ( نيوتن ) بل حطمت بنيانه، حيث هدم إنشتاين بنظرية
النسبية فكرتي الزمان والمكان المطلقين، وأثبت أن علاقات المكان والزمان وقوانين
الحركة لا يمكن تعريفها إلا بالمواقف الشخصية للمراقب، وليس بالحياد كما ذهب إلى
ذلك ( نيوتن )
وجاءت ثورة فيزياء الجسيمات على
يد (إيرنست رذرفورد) حيث أثبت أن الذرة عبارة عن نواة متناهية الصغر يحيط بها كم
هائل من الإلكترونات أصبحت تفسيرات نيوتن لها تبعث على الإحباط، فانهارت
إمبراطورية نيوتن وتطورت ميكانيكا الكم على يدي (نيلزبور) و(فيرنرها يزنبي)
وقد أدت كل هذه التطورات في
الفيزياء إلى تطورات مماثلة في تصور علم الأحياء للحياة، فقد كانت النظرية الآلية
ترى أن الحياة نتيجة عرضية لعمليات مادية، وأن العقل نشاط متولد من الدماغ.. لكن
العلم الحديث أثبت ـ بما لا يدع مجالا للشك ـ أن أسلوب الكائن الحي ليس آلياً ولا
يمكن تفسيره آلياً، فالحياة ظاهرة من صفتها التجدد والإبداع، واستحداث صور جديدة
في الكائنات، ومنها ظهرت نظريات التطور المبدع، والتطور الناشيء، ونظرية الكائن
الحي، والنظرية العضوية.
فالماء يتكون من الأوكسجين
والهيدروجين بنسبة معينة، لكن في الماء خصائص ليست هي خصائص كل من الأوكسجين
والهيدروجين.. وكذلك جسم الإنسان فهو دماغ ولحم وعظام وأعصاب، ولكل منها خاصية
معينة، لكن له من اجتماع هذه الأجزاء خصائص ليست موجودة في تلك الأجزاء.
وبناءً على هذا فلم يعد كل مادي
حقيقياً، وأصبح المعنوي كالدين، وقيم الحق والخير والجمال مما صح ثبوته، وعدّ
باباً من أبواب الحقيقة، وبهذا تقوّض الأساس العلمي لهذه المدرسة، فالإنسان لم يعد
شبيهاً بالآلة لا دخل للعقل في سلوكياته، فله عقل، وله غاية يسعى