responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عدالة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 188

ثالثا ـ الرفق

في اليوم الثالث، صاح السجان بصوته المزعج قائلا: في هذا المساء.. سيساق إلى الموت (زيد بن علي) [1].. وقد رأت إدارة السجن أن تسمح لجميع السجناء بتوديعه والجلوس إليه بشرط ألا يخترقوا قوانين السجن.. ومن يخترقها فسيتحمل مسؤولية خرقه)

بمجرد أن فتحت أبواب الزنازن أسرع السجناء إلى ساحة السجن حيث سبقهم زيد بن علي.. والبسمة على شفتيه.. والسرور باد على وجهه.

كان يرفع يديه إلى السماء، وهو يردد ما ردده زيد بن على من قبله:( اللهـم إني أسألك سلوا عن الدنيا، وبغضا لها ولأهلها، فإن خـيـرها زهيد، وشرها عتيد، وجمعها ينفد، وصفوها يرنق، وجديدها يخلق، وخيرها ينكد، وما فات منها حسرة، وما أصيب منها فتنة، إلا من نالته منك عصمة، أسألك اللهـم العصمة منها، ولاتجعلنا ممن رضي بها، واطمأن إليها، فإنها من أمنها خانته، ومن اطمأن إليها فجعته، فلم يقم في الذي كان فيه منها، ولم يظعن به عنها)

ثم قال ـ بعد أن رأى الجمع قد التف حوله ـ : يسرني أن أقف اليوم بينكم في أشرف موقف أقفه في حياتي.. موقف وقفه من قبلي إمام من أئمة الدين، ورجل من آل بيت سيد المرسلين.. كان رجلا ممتلئا بالغيرة.. عز عليه أن يرى الجور يضرب أطنابه، والاستبداد يذيق الرعية الأمرين.. فقام وناضل في سبيل الله بكل ما أتيح له من وسائل إلى أن قضى شهيدا على صلبان


[1] أشير به إلى الإمام الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (79 - 122هـ، 698 - 740م) من أئمة المدرسة الزيدية..قام بثورة ضد الاستبداد الذي قام به النظام الأموي.. وكانت ثورته مرحلة من المراحل التي عجلت بسقوط الدولة الأموية.. وسنشير إلى بعض مآثره فيها في ثنايا الفصل.

ولم يكتف المستبدون بقتله، بل راحوا يمثلون بجثته، ويتلاعبون بها.. ولم يكتفوا بذلك، بل عمل الطغاة على التخلص من الجسد الشريف، فعملوا على إنزاله وإحراقه ، وذرّ رماده في الفرات ، وقد قال يوسف بن عمر الثقفي في ذلك قولته المشهورة: (والله يا أهل الكوفة لأدعنكم تأكلونه في طعامكم وتشربونه في مائكم)، وقد قال الشاعر مؤرخا لذلك:

نام کتاب : عدالة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست