responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عدالة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 282

خامسا ـ الحرية

في اليوم الخامس، صاح السجان بصوته المزعج قائلا: في هذا المساء.. سيساق إلى الموت (عمار بن ياسر) [1].. وقد رأت إدارة السجن أن تسمح لجميع السجناء بتوديعه


[1] أشير به إلى عمَّار بن ياسر (56ق.هـ - 37هـ)، من السابقين إلى الإسلام أوذي هو وأبوه وأمه سُمَيَّة. كان الرسول a يمر بهم وهم يعذبون فيقول: (صبراً آل ياسر إن موعدكم الجنة)، قتل أبو جهل أمه سمية فكانت أول شهيدة في الإسلام.

كان عمار بن ياسر من أوائل من أظهر إسلامه بمكة، ومن أوائل من هاجر إلى المدينة. شارك في بناء مسجد رسول الله a، شهد بدراً وأُحداً والمشاهد كلها مع رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم قاتل المرتدين في اليمامة.

كان من المقربين من علي واشترك معه في معاركه ضد البغاة، وقد نقل عنه أنه نزل إلى ميدان لقتال في صفين، وهو شيخ في الرابعة والتسعين من عمره، وهو يقول: (اللهم أنك تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أقدف بنفسي في هذا البحر لفعلته، اللهم أنك تعلم لو أني أعلم أن رضاك في أن أضع ظبة سيفي في بطني ثم أنحني عليها حتى تخرج من ظهري لفعلت، وأني لا أعلم اليوم عملاً أرضى لك من جهاد هؤلاء الفاسقين، ولو أعلم اليوم ما هو أرضى منه لفعلته، والله لو ضربونا حتى بلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل)

وقد قاتل حتى قُتل، وقد كان لمقتله أثراً كبيراً أزال الشبهة عند كثير من الناس، وكان ذلك سبباً لرجوع جماعة إلى علي والتحاقهم به، ذلك أن الجميع قد بلغهم قول رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم : ( ويح عمّار تقتله الفئة الباغية، يدعونهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار)

وقد وردت في فضل عمّار أحاديث كثيرة، منها ما رواه ابن عبد البر في الاستيعاب من أن عمار استأذن على رسول الله a فعرف صوته فقال a : ( مرحباً بالطيّب ابن الطيب ائذنوا له )، وقال فيه a : ( عمّار جلدة بين عيني)، وقال فيه : ( كم ذي طمرين ،لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره، منهم عمار بن ياسر)، وقال فيه : ( لقد ملئ عمار إيماناً من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه)، وقال فيه : ( إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي وعمار وسلمان)، وقال فيه : (ابن سمية لم يخيّر بين أمرين قط إلا أختار أرشدهما، فالزموا سمته)، وقال له بعد ذلك كله: (إنّك من أهل الجنّة)

وقد روي في استشهاده عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: شهدنا صفين مع علي فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية صفين إلا رأيت أصحاب النبي صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم يتبعونه كأنه علم لهم قال: وسمعته يومئذ يقول لهاشم بن عتبة بن أبي وقاص: يا هاشم تفر من الجنة ! الجنة تحت البارقة، اليوم ألقى الأحبة محمدا وحزبه، والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على حق وأنهم على الباطل.

وقال أبو البختري : قال عمار بن ياسر يوم صفين : ائتوني بشربة. فأتي بشربة لبن فقال : إن رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم قال : (آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن)، وشربها ثم قاتل حتى قتل.. وكان عمره يومئذ أربعا وتسعين سنة وقيل : ثلاث وتسعون وقيل : إحدى وتسعون.

وروى عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفا، وشهد صفين ولم يقاتل وقال: لا أقاتل حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله فإني سمعت رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم يقول: (تقتله الفئة الباغية)، فلما قتل عمار قال خزيمة :( ظهرت لي الضلالة)، ثم تقدم فقاتل حتى قتل.

ولما قتل عمار قال : (ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم) (انظر: أسد الغابة)

نام کتاب : عدالة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست