وهذه الآية تشبه الآية التي تتحدث عن الأعراب
﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا
قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ
فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: 14] أي: استسلمنا وانقدنا
إلى نظام الدولة العادلة، فإن الإيمان يعني القناعة الداخلية، أما الإسلام فكل من دخل
تحت نظام الدولة العادلة والتزم نظامها فيدخل في مسمى الإسلام بالمعنى العام الذي
هو (الانقياد)
قال الرجل: فما تقول في آية السيف، وهي
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ
الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ
وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا
الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)﴾[التوبة: 5]، وهي الآية التي
ذكر العلماء أنها نسخت كل آيات الرحمة والحكمة والإحسان في القرآن الكريم.
قال عمار: اقرأ الآيات من بداية سورة
التوبة، وتدبر فيها وستراها منسجمة مع القرآن جميعا.. فالآيات تتحدث عن نوع خاص من
المشركين كانوا محاربين، ثم ناكثي عهود، ثم منافقين يتربصون الفرص ويظاهرون على المؤمنين.
قال الرجل: ها أنت تفسر القرآن بحوادث
تاريخية تحصرها فيها .. فما الفرق بين هذا وبين ما يفعله النسخ؟
قال عمار: لا . أنا استعنت بالتاريخ..ولم
أفسر القرآن به.. فالقرآن كلام الله .. وحقائقه تدل على سنن الله في خلقه.. وهي
تنطبق على المجتمعات جميعا.
قال الرجل: فكيف توجه ما ذكرت من
تخصيصات؟
قال عمار: هي لا تحتاج لي لأوجهها..
فالقرآن غني بنفسه .. والتخصيص الذي ذكرته موجود في الآيات نفسها، فالله تعالى
يقول في بداية السورة ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة: 1].. فالآيات تتحدث
عن نوع خاص، وليست من الآيات التي تسن قانونا عاما كقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
﴾ [البقرة: 190]