تعالى لتنتهي إلى التحرر من كل أشكال العبودية المهينة.
قال الرجل: ولكن العبودية لله لا تسمح للانسان بممارسة أي
حرية حيال الله تعالى، فلا حرية للعبد في التنصل من التكاليف والمسؤوليات التي
ألقيت على عاتقه.. ألم يقل القرآن :﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا
مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلَالًا مُبِينًا (36) ﴾ (الأحزاب)؟
قال عمار: أجل.. ذلك صحيح.. ولكن المؤمن الذي اختار الله
يمارس ذلك عن طواعية ورضا ومحبة.. وهو لا يطلب شيئا كما يطلب رضوان الله.. فبدون
رضا الله لا تتحقق العبودية مطلقاً.. وبهذا المعنى تحتفظ (الحرية) برونقها في
الإسلام، بل يشعر المسلم بلذة كبيرة حينما يرى نفسه وقد حافظ عليها وصانها من كل
عملية تلاعب وتحريف.
بالإضافة إلى هذا.. فإن كل حرية لابد أن تقيد بالمسؤولية..
وقد رأيت من خلال تجوالي في المذاهب والأفكار أن مفهوم
المسؤولية في كثير من الأنظمة لا يتجاوز في كثير من الأحيان مسؤولية الفرد تجاه
القوانين المعمول بها.. بل حتى هذا النوع من المسؤولية غالباً ما يفقد بريقه من
خلال عمليات الانتهاك المتوالية لتلك القوانين والخروج عليها..
أما مسؤولية الإنسان المسلم فتختلف جوهرياً عن تلك المسؤولية
لأنها نابعة من باطن الإنسان ونافذة إلى أعماقه وماثلة أمامه دائماً.. فالانسان
المسلم مسؤول أمام جهة مطلقة عليا تراقبه وتشاهد عن كثب كل تحركاته وسكناته، بل
مطّلعة حتى على أفكاره وخلجات قلبه.. وهو بهذا كتاب مفتوح أمام العين الإلهية ولا
حيلة له ولا وسيلة سوى أداء التكليف والقيام بالواجب الملقى على عاتقه دون تلكؤ أو
تكاسل.
قال رجل منا: وعينا هذا.. ولا نرى أن أحدا يمكن أن يجادلك
فيه إلا إذا كان يرى الإنسان هملا لا يعرف خلقا، ولا يقدر حرمة.. ولكنا نريد أن
نسألك عن الحريات التي أتاحها الإسلام