قال آخر: لقد أعطى الإسلام المرأة نصف ما أعطى الرجل في
الميراث..
قال آخر: ليس ذلك فقط.. بل لم يعتبر شهادتها نصف شهادة الرجل
في كثير من المحال..
قال آخر: بل منعها من كثير من الوظائف التي أتاحها للرجال.
قال النفس الزكية: رويدكم.. أنا أعرف هذه الشبه، وأعرف من
يثيرها.. إنهم قوم لا قيمة عندهم للمرأة ولا كرامة.. فهم يهينونها كل أصناف
الإهانات.. ثم يستخدمونها بعد ذلك حربا على الدين الوحيد الذي حفظ لها كرامتها
وعزتها وحقوقها.
قلنا: دعنا من الحديث العام.. وحدثنا عن الأدلة.. فلا تقبل
الدعاوى من غير أدلتها.
قال: ليس لي الوقت الكافي لأحدثكم عن تفاصيل فضل الله على
النساء.. ولكني سأبين لكم أسرار التفريق بين الرجل والمرأة في المواضع التي ذكرتم..
سأضرب لكم ـ مثلا على ذلك ـ يقرب لكم المسألة..
ففي الميراث تأخذ الأم في العادة نصف نصيب الأب.. قد تتصورون
أن الذكر بذلك أفضل من الأنثى.. وأن الأمر برعاية الأب أكثر من الأمر برعاية الأب..
هذا خطأ.. فقد ورد في النصوص الحث على بر الأم أكثر من بر
الأب.. ففي الحديث أن رجلا جاء إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال : يا رسول الله، من أحق الناس
بحسن صحابتي؟ قال : أمك. قال: ثم من؟ قال : أمك. قال : ثم من؟ قال : أمك. قال : ثم
من؟ قال : ثم أبوك[1].
انظروا كيف اعتبر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بر الأم مقدما على بر الأب..
قلنا: ما دام الأمر كذلك.. فلم أنقص نصيبها في الميراث؟
قال: لأن الميراث مرتبط بالنواحي المالية.. والعدالة تقتضي
أن تصرف الأموال لمن
[1] رواه البخاري ومسلم، وفي
رواية لهما : (أمك ، ثم أمك ، ثم أباك ، ثم أدناك أدناك)، زاد ابن حبان: قال :(
فيرون أن للأم ثلثي البر)