ولتشخيص الداء تعالوا نبحث في خارطة العالم عن أكثر الشعوب فقرا.. ثم
نبحث عن سر كونها أفقر من غيرها.
لقد وضع علماء الاجتماع مقاييس كمية لمدى انتشار الحرمان في العالم
باعتماد مؤشرات تقريبية معينة.. منها نقص التغذية في الفرد.. ومنها متوسط العمر
المتوقع عند ولادته.. ومنها مدى انتشار الأمية، وغيرها.
هذا تصنيف علمي واقعي دقيق.. فالتغذية حاجة بدنية أساسية لازمة.. وأما
متوسط عمر الفرد فيعكس مدى تأثير مختلف أنواع الحرمان.. وأضيف إلى هذين المقياسين
البيولوجيين، عنصر الأمية كمؤشر للحرمان من التطور الاجتماعي.. وتعطي هذه المؤشرات
الثلاثة، بنظر خبراء الأمم المتحدة، صورة موجزة وواضحة لمدى انتشار الفقر في
مظاهره الشائعة.
وعلى هذا الأساس صنفت هيئة الأمم المتحدة عام 1971م دول العالم حسب
المقاييس، في جدول مقسم إلى ثلاث فئات: دول متقدمة، ودول نامية فقيرة، ودول معدمة،
وهي أكثر بلاد العالم فقراً وتخلفاً.
أما الفئة الأولى ـ المتقدمة ـ فتشكل 25 بالمائة من سكان العالم وهي في
37 دولة تعدادها حوالي (1100) مليون نسمة.
والدول النامية تشكل، مع الدول المعدمة 75 بالمائة من سكان العالم،
ومجموع دولها ـ آنذاك ـ (89) دولة، أما سكانها فيبلغون (3000) مليون نسمة.
وحددت الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1971م الدول المعدمة ـ الأكثر
تخلفا ً ـ بـ 24 دولة ثم أضيفت إليها أربع دول أخرى عام 1975م، وزيدت ثلاث أخرى
عام 1977م، وأخيراً رفعوها إلى ست وثلاثين دولة بعد إضافة خمس دول أخر.. وقالوا:
إن هذه الدول