الأكواخ الخشبية والطرق الضيقة، بين الحدائق الغناء في الأحياء السكنية
الراقية وبين أكوام القمامة والأوساخ وتجمعات المياه الراكدة والحفر والحشرات
والفئران على حواشي الحواضر الكبرى هذه وفي أحيائها القديمة؛ بين نظافة الثياب
الأنيقة للفتية في الأماكن الموسرة والأجسام الممتلئة بل وربما المترهلة شحماً
ودهناً من التخمة.. وبين الأسمال والخرق البالية على الأجساد الضعيفة الهزيلة
المريضة الجائعة؛ بين الفنادق الفخمة ـ ذات النجوم الخمسة ـ وكثير منها للأجانب ـ
وبين المقعدين المعوقين من الشحادين الفقراء صغاراً وكباراً.. على أبواب هذه
الأبنية الرائعة[1].
اسمعوا لما يقول نبي المسلمين، وهو يشجع الفقراء على الرضوخ لفقرهم والاستسلام
له: (اطلعت في الجنة، فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار، فرأيت أكثر
أهلها الأغنياء والنساء)[2]
وقال:(قمت على باب الجنة؛ فإذا عامة من دخلها المساكين، وإذا أصحاب الجد
محبوسون)[3]
وقد قرأت في بعض الكتب هذا النص الذي نقلته لكم حرفيا لتدركوا السلبية
التي يحملها الإسلام، والتي هي السر في كون المسلمين هم أفقر أمم العالم..
قلب بعض الصفحات، ثم راح يقرأ[4]:(إن أخيار الصحابة كانوا للمسكنة محبين، ومن
خوف الفقر آمنين، وبالله في أرزاقهم واثقين، وبمقادير الله مسرورين، وفي البلاء
راضين، وفي الرخاء شاكرين، وفي الضراء صابرين، وفي السراء حامدين، وكانوا لله
متواضعين، وعن حب
[1] انظر (الحرمان والتخلف في
ديار المسلمين)، وهو الكتاب السابع في سلسلة (كتاب الأمة) التي تصدرها رئاسة
المحاكم الشرعية والشؤون الدينية بقطر، وهو للدكتور نبيل صبحي الطويل.
[2] رواه أحمد، قال المنذري
والهيثمي: (وإسناده جيد)، ورواه ابن حبان في صحيحه.