بعد أن أيقنت بفضل الله على عباده بمغفرة ذنوبهم من غير حاجة إلى دم
يسفك، أو اعتراف بين يدي أي أحد من خلقه.. وبعد أن امتلأت نفسي رجاء لذلك.. وصرت
من حيث لا أشعر أحتقر ما وقعت فيه من الذنب بجانب فضل الله.. جاءني الفضيل، وقال:
لقد عبرت المرحلة الأولى.. ولو وقفت عندها لسقطت بك في هاوية لا تقل عن الهاوية
التي كنت فيها.
قلت: وما هي هذه الهاوية؟
قال: هاوية الأماني.. فالرجاء إن لم يضبط بضابط الخشية تحول إلى أماني
تبعد صاحبها عن الله.. لقد ذكر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ذلك، فقال:(الكيس
من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله
الأمانى) [1]
بل ذكر ذلك ربنا – تبارك وتعالى – فقال محذرا لعباده:﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ
أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ
اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً ﴾ (النساء:123)