فسألته عن سر هذا الحديث، فقال: العاقل هو من بدأ بالنظر في عيوب نفسه،
وانشغل بها، فلا يمكن أن يتطهر من لا ينظر في مرآة الروح ليرى ما لصق بروحه من
أنواع الأدران.
قلت: فالنظر إلى النفس حجاب.
قال: والانشغال بعيوب الناس عن عيوب النفس أعظم منه.. فـ (ربما كنت
مسيئاً فأراك الإحسان منك صحبتك إلى من هو أسوأ حالاً منك) [2]
اقتربنا من أحد هؤلاء المتطهرين، فسمعنا المرشد يخاطب المتطهر قائلا: اعلم أن من أطاع هواه أعطى عدوه مناه.. وأن
راكب الشهوات لا تستقال عثراته.. وأن من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهوته..
لقد قال الصادق، وهو يربي الصادقين: (احذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم،
فإنه ليس شيء أعدى للرجال من اتباع أهوائهم)، وقال لبعضهم:(لا تدع النفس وهواها،
فإن هواها في رداها وترك النفس وما تهوى أذاها وكف النفس عما تهواه دواها)
وروي في الحديث أن
رجلاً اسمه مجاشع قال: يا رسول الله كيف الطريق إلى معرفة الحق ؟ فقال a: (معرفة النفس)، فقال: فكيف الطريق إلى موافقة الحق؟ فقال a: (مخالفة النفس)، فقال: فكيف الطريق إلى رضا الحق؟ فقال a: (سخط النفس)، فقال: فكيف الطريق إلى طاعة الحق ؟ فقال a: (عصيان النفس)، فقال: فكيف الطريق إلى ذكر الحق؟ فقال a: (نسيان النفس)، فقال: فكيف الطريق إلى قرب الحق؟ فقال a: (التباعد عن النفس)، فقال: فكيف الطريق إلى أنس الحق؟ فقال a: (الوحشة عن النفس)، فقال: فكيف الطريق إلى ذلك