كسب ولا مال فعليه أن يسأل الناس ليصرف إليه من الزكاة أو الصدقات ما يحج
به، فإنه إن مات قبل الحج مات عاصياً..
قال الرجل: هذا طريق التفتيش عن الطاعات وتداركها.. فكيف أفتش عن
المعاصي؟
قال المرشد: يجب على التائب أن يفتش من أول بلوغه عن سمعه وبصثره ولسانه
وبطنه ويده ورجله وفرجه وسائر جوارحه، ثم ينظر في جميع أيامه وساعاته ويفصل عند
نفسه ديوان معاصيه حتى يطلع على جميعها صغائرها وكبائرها ثم ينظر فيها، فما كان من
ذلك بينه وبين الله تعالى من حيث لا يتعلق بمظلمة العباد، كنظر إلى غير محرم
واعتقاد بدعة، وشرب خمر وغير ذلك مما لا يتعلق بمظالم العباد، فالتوبة عنها بالندم
والتحسر عليها، وبأن يحسب من حيث الكبر ومن حيث المدة ويطلب لكل معصية منها حسنة
تناسبها فيأتي من الحسنات بمقدار تلك السيئات أخذاً من قوله a:(اتق
الله حيث كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها)، بل من قوله تعالى:﴿ وَأَقِمِ
الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)﴾ (هود)،
فيكفر سماع الملاهي الفاسقة بسماع القرآن وبمجالس الذكر، ويكفر الرغبة عن المسجد
بالاعتكاف فيه مع الاشتغال بالعبادة، ويكفر شرب الخمر بالتصدق بشراب حلال هو أطيب
منه وأحب إليه.
وسر ذلك أن المرض إنما يعالج بضده، فكل ظلمة ارتفعت إلى القلب بمعصية فلا
يمحوها إلا نور يرتفع إليها بحسنة تضادها، والمتضادات هي المتناسبات، فلذلك ينبغي
أن تمحى كل سيئة بحسنة من جنسها لكن تضادها، فإن البياض يزال بالسواد لا بالحرارة
والبرودة.
العلاقة مع الخلق:
بعد أن فتح الله علي في حمام التوبة ما فتح سألت المرشد عن التصحيح
الثالث، وهو تصحيح العلاقة مع الخلق، فقال: تعال معي إلى محكمة التوبة.. فسترى
هناك كيف يصحح