ضحكت قائلا: لا تخف.. ونم مطمئنا.. فلن يطالبك بشيء.
قال: أأنت ملك من ملائكة الحساب؟
قلت: لا.. ولكن ما تفعل الغيبة أمام ما يفعله المجرمون من القتل والسلب
والنهب؟
قال: أنت لا تعلم إذن خطورة المعاصي المتعدية.. لقد ورد في الحديث عن عائشة قالت: قلت للنبي a حسبك من صفية كذا وكذا - قال بعض الرواة تعني قصيرة - فقال: (لقد قلت
كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته - أي لأنتنته وغيرت ريحه - قالت: وحكيت له إنسانا
فقال: (ما أحب أني حكيت إنسانا وإن لي كذا وكذا)[1]
وعن أنس قال: أمر النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم الناس بصوم يوم وقال: (لا يفطرن أحد منكم
حتى آذن له)، فصام الناس حتى إذا أمسوا فجعل الرجل يجيء فيقول: يا رسول الله إني
ظللت صائما، فأذن لي فأفطر فيأذن له والرجل حتى جاء رجل فقال: يا رسول الله فتاتان
ظلتا صائمتين وإنهما يستحييان أن يأتياك فأذن لهما فليفطرا، فأعرض عنه، ثم عاوده،
فأعرض عنه، ثم عاوده فأعرض عنه، فقال: (إنهما لم يصوما، وكيف صام من ظل هذا اليوم
يأكل لحم الناس، اذهب فمرهما إن كانتا صائمتين فلتتقيآ فرجع إليهما)، فأخبرهما
فاستقاءتا فقاءت كل واحدة علقة من دم، فرجع إلى النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم
فأخبره فقال: (والذي نفسي بيده لو بقيتا في بطونهما لأكلتهما النار)[2]
وفي الحديث قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:(أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من
الأذى، فذكر منهم ورجل كان يأكل لحوم الناس بالغيبة ويمشي بالنميمة)[3]
ونظر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في النار فإذا قوم يأكلون الجيف؟ فقال: من
هؤلاء يا جبريل ؟
[1] رواه أبو داود والترمذي
وقال: حديث حسن صحيح والبيهقي.
[2] رواه أبو داود والطيالسي وابن أبي الدنيا والبيهقي.