رأيت رجلا منفردا برجل يخاطبه بشدة، فسألت صاحبي عنه، فقال: هذا محام من
المحامين مع موكله.
قلت: عجبا.. لم أكن أتصور أن هناك محامين في هذه المحكمة.
قال: هلم بنا إليه لنسمع ما يقول لموكله.
اقتربنا منه، فسمعناه يقول لموكله بلهجة شديدة: اعلم أنه لا ينجو من خطر
الموازين الإلهية إلا من حاسب فى الدنيا نفسه، ووزن بميزان الشرع أعماله وأقواله
وخطراته ولحظاته.
قال الموكل: فما السبيل إلى النجاة؟
قال المحامي[2]: لا تتحقق النجاة إلا بحسابك لنفسك لتتدارك
ما فرط من تقصيرك فى فرائض الله تعالى، وأن ترد المظالم حبة بعد حبة، وتستحل كل من
تعرضت له بأي لون من ألوان الإساءة.
بهذا الطريق وحده يمكنك أن تضمن النجاة.. وإلا فإن من مات قبل رد المظالم
أحاط به خصماؤه، فهذا يأخذ بيده، وهذا يقبض على ناصيته، وهذا يتعلق بلببه، هذا
يقول ظلمتنى، وهذا يقول شتمتنى، وهذا يقول استهزأت بى، وهذا يقول ذكرتنى فى الغيبة
بما يسوءنى، وهذا يقول جاورتنى فأسأت جوارى، وهذا يقول عاملتنى فغششتنى، وهذا يقول
بايعتنى فغبنتنى وأخفيت عنى عيب سلعتك، وهذا يقول كذبت فى سعر متاعك، وهذا يقول
رأيتنى محتاجا وكنت غنيا فما أطعمتنى، وهذا يقول وجدتنى مظلوما وكنت قادرا على دفع
الظلم عنى فداهنت الظالم وما راعيتنى.