يغسله من درنه إلا ذلك.. لقد أصابه كثير من غبار محمد.. وفي هذه الرحلة أصابه غبار أولئك المستضعفين المتحررين.. ولذلك حاول أن تلين معه قدر ما أطقت.
وفر له كل ما يحتاجه.. فلا يمكنه ولا يمكن معه أن تحلم بتحقيق ذلك المطلب العالى إلا بهذا.
قال أخي: هذا دوري مع أخي.. فما دوري مع غيره؟
قال الرجل الشيطان: أرسل أولئك الذين تعرفهم.. أرسلهم ليعيدوا قتل سمية، وجلد بلال، ونفي أبي ذر.. فلا يمكن أن يقضى على الإسلام، وفيه مثل أولئك.
قال أخي: ولكن قتلهم وجلدهم ونفيهم سيثير فتنة كبرى قد لا نطيق تحملها.
قال الرجل: وهل نحن هم الذين نفعل ذلك.. إنهم بأيديهم يفعلون ذلك.. ولذلك إن حصلت الفتنة فلن تحرق غيرهم.
قال أخي: متى يبدأ التنفيذ؟
قال الرجل: لقد بدأ التنفيذ.. ولم يبق من دور إلا دورك أنت.. ولكني لن أقوله لك جهرا.. فأسلم إلي أذنك وصدرك لأحشو فيه دورك الخطير في هذه المرحلة الجديدة.
بعد قوله هذا لم أسمع شيئا إلا شيئا كصلصلة الجرس.. لم أتبين منه شيئا.
مكثت قليلا، ثم دخلت، وقد فوجئت إذ رأيت أخي وحيدا في مجلسه ينتظرني.
قلت له، والغرابة تملؤني: لقد سمعت رجلا يحدثك.. فأين ذهب؟.. وكيف خرج؟
ضحك أخي بصوت عال، وقال: دعنا منه.. وحدثني عنك.. كيف حالك؟.. وما الذي فعلته؟
قلت بغضب: لن أجيبك حتى تخبرني.
قال: لقد كان ذلك الرجل معي.. وقد حدثني عنك.. وهو يدعوني إلى الاهتمام بك والحرص عليك.. وقد وعدني بأن ذلك الكرسي المقدس في انتظارنا.. وأن جلوسنا عليه لم