التفت لبعض الحاضرات، فوجدت الدموع تسيل بغزارة من عيونهن، واصل الرجل حديثه
قائلا: لا تظنوا أيها السادة أن هذه المرأة المريضة من شواذ المجتمع الغربي.. إن
الشواذ هناك هم الذين يعيشون حياة هادئة.
قد تسألون عن سر ذلك.. والجواب ـ كما عشته ـ واضح:
إن هذا أثر من آثار فكرة الحرية الفردية وعلو شأنها
حوالي منتصف القرن الماضي - بما تحمله تلك الكلمة من حق وباطل - فإن الوحدة
الرئيسية للمجتمع لم تعد العائلة، بل صارت (الفرد) رجلاً كان أم امرأة.. ومن ثم..
وبعد أن تبدلت القيم والمفاهيم، وشاعت الحرية - صارت المرأة لا تعني الزوجة أو
الأم للرجل، بل زميلة العمل أو الصديقة والخليلة، ولم يعد الرجل بحاجة إلى الزواج
وإقامة العائلة كوحدة اجتماعية ـ في غالب الأحيان ـ فحاجاته الطبيعية ملباة دون
مسؤوليات تلقى على عاتقه، وهو حر في التنقل بين امرأة وامرأة، كما أن المرأة حرة
في التنقل بين رجل ورجل، كما تقتضيه دفعة الجسد العمياء.
وهذا كله جر عواقب وخيمة على المجتمع الغربي الذي يراد نسخ كل مجتمعات
العالم على نمطه:
من أول العواقب كثرة العوانس بين الفتيات والعزاب من الشباب.. وذلك لتيسر
إرواء غليل الشهوات من الطرق المحرمة بغير تحمل تبعة الزواج وبناء الأسرة، متمتعين
في نفس الوقت بلذة التنويع، دون التقيد بالحياة المتشابهة المتكررة كما يزعمون،
وكان من نتيجة ذلك وجود كثرة هائلة من الفتيات، تقضى شبابها محرومة من زوج تسكن
إليه ويسكن إليها، إلا العابثين الذين يتخذونها أداة للمتعة الحرام، ويقابل هؤلاء
الفتيات كثرة من الشباب العزاب المحرومين من الحياة الزوجية.
وقد دلت على ذلك أحدث الإحصاءات، فقد صرح مدير مصلحة الإحصاء الأمريكية في