responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رحمة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 8

البداية

في ذلك الصباح المبارك، استيقظت على مشاعر غريبة وفدت علي من حيث لا أشعر..كانت موحشة مظلمة ممتلئة بالقساوة..

كانت بدايتها موقفا من المواقف تذكرته.. لعله كان سبب تلك المشاعر التي كانت مخبأة في وجداني، ولم يتح لها أن تظهر إلا في تلك اللحظات التي كنت أنتظر فيها بشوق بالغ حديث الغريب الذي جاءني من غير ميعاد ليحدثني عن رحلته إلى شمس الهداية محمد a.

سأذكر لكم الحادثة بتفاصيلها.. ولكل منكم الحرية في أن يفسر سر تلك المشاعر ليربطها بها، أو ينفيها عنها.

في شبابي.. ذهبت إلى بعض أهلي في البادية.. هناك حيث لا ترى في الأفق البعيد إلا الحجارة القاسية التي تملأ الجبال.. ولا ترى في الأفق القريب إلا رمالا جافة لا يضاهيها في قساوتها إلا تلك الحجارة.. وبين هذين كنت ترى صخورا أخرى كثيرة قد ملأتها رمال البيداء وصخور الجبال قسوة وغلظة وجفاوة..

كنت أرى النساء في تلك البيداء مهانات محتقرات.. لا تكاد تسمع لهن صوتا.. فهن في شغل دائم.. لا يلقين بعده جزاء ولا شكورا..

وكنت أرى الأولاد الصغار.. وهم لا يقلون شغلا عن الكبار.. وقد ذهبت ملامح براءة الصبا من وجوههم.. فهم يهتمون بما يهتم له الكبار.. ويحرصون على ما يحرصون عليه.

وكنت أرى في هذا الجو الكئيب شيخ القرية أو مختارها أو عمدتها أو ما شيء له من أسماء صاحب صوت مجلجل.. وصاحب عصا قوية.. وصاحب حرس شديد.. وصاحب أوامر ليس لها إلا أن تنفذ رغبت رعيته في تنفيذها أو أنفت.

وكنت أرى بين هذا وذاك منافقين كثيرين.. لا قلوب لهم ولا مشاعر.. هم فقط مجموعة هياكل عظمية مكسوة بأكداس من اللحم والشحم الذي لا يختلف في لونه وقساوته عن ذرات

نام کتاب : رحمة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 8
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست