نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 110
علماء المسلمين أسبق من فلاسفة عصر التنوير وأتباع مدرسية النقد
التاريخي في هذا المضمار.. كما قال ابن القيم: (فنسبوا الإله الحق سبحانه إلى ما
أنف أسقط الناس وأقلهم أن يفعله بمملوكة وعبده، وإلى ما يأنف عباد الأصنام أن
ينسبوا إليه.. ونسبوه إلى غاية السفه حيث خلصهم من العذاب بتمكينه أعداءه من نفسه
حتى قتلوه وصلبوه وأراقوا دمه، ونسبوه إلى غاية العجز حيث عجزوه أن يخلصهم بقدرته
من غير هذه الحيلة ونسبوه إلى غاية النقص حيث سلط أعداءه على نفسه وابنه ففعلوا به
ما فعلوا.. وبالجملة فلا نعلم أمة سبت ربها ومعبودها وإلهها بما سبت به هذه الأمة)
هذا الكلام نموذج من بين انتقادات عقلية لا حصر لها دونها علماء
المسلمين قبل أن يخلق سبينوزا وباسكال وفولتير بقرون، وقبل أن تفكر أوروبا في شيء
اسمه (النقد التاريخي) أو حرية التفكير.
قلت: أنا أقر بالكثير مما ذكرت من الانحرافات الخطيرة التي دخلت
المسيحية.. ولكنها مع ذلك لا تقل عن الانحرافات التي دخلت الإسلام.. وبذلك انحنى
الإسلام أمام الهرطقات الكثيرة التي دخلته كما انحنت المسيحية..
قال: لا.. لقد أتيحت لي فرصة الاطلاع على مقولات الفرق
الإسلامية المرتبطة بهذا الجانب.. فوجدتها كلها تصب في بحر واحد هو بحر الوحدانية
والتقديس والتعظيم.. المسلمون كلهم موحدون لله.. يحملون تصورات غاية في القداسة عن
الله.
قلت: ولكني قرأت الكثير من الكتب والمطويات التي تحذر من طوائف
المبتدعة من المؤولة والمفوضة والمشبهة والمجسمة..
قال: تلك ـ كما يقال ـ زوبعة في فنجان.. وأولئك قوم من
المتطرفين.. هم أشبه الناس بأولئك الذين اجتمعوا بأمر قسطنطين في مجمع نيقية.. ليس
لهم من هم إلا التفريق بين صفوف إخوانهم..
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 110