نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 63
الإسلام ـ إذا استعمل السيف ـ لا يستعمله إلا ليوفر للمخالفين
الجو المناسب الذي يتيح لهم أن يسمعوا القرآن.. هذه الآية تشير إلى ذلك.
ولهذا كان محمد يعطي الأمان لمن جاءه، مسترشدًا، ولو كان من
المحاربين، كما جاءه يوم الحديبية جماعة من الرسل من قريش، منهم: عروة بن مسعود،
ومِكْرَز بن حفص، وسهيل بن عمرو، وغيرهم واحدًا بعد واحد، يترددون في القضية بينه
وبين المشركين، فرأوا من إعظام المسلمين لمحمد ما بهرهم وما لم يشاهدوه عند ملك
ولا قيصر، فرجعوا إلى قومهم فأخبروهم بذلك، وكان ذلك وأمثاله من أكبر أسباب هداية
أكثرهم.
وقد استنتج الفقهاء من هذا أن من قدم من دار الحرب إلى دار
الإسلام في أداء رسالة أو تجارة، أو طلب صلح أو مهادنة أو حمل جزية، أو نحو ذلك من
الأسباب، فطلب من الإمام أو نائبه أمانًا، أعطي أمانًا ما دام مترددًا في دار
الإسلام، وحتى يرجع إلى مأمنه ووطنه.
التفت إلي، وقال: قلب الطرف في جغرافية البلاد التي انتشر فيها
الإسلام لتعلم أن الدعوة هي التي جذبت قلوب الناس للإسلام لا السيف..
فأكثر المسلمين في العالم ينتشرون في بلاد لم تطأها جيوش
المسلمين..
لقد دخلت شعوب عظيمة في الإسلام دون أن تطأ أرضها جيوش المسلمين
كشعوب جنوب شرقي آسيا التي انتشر فيها الإسلام على أيدي التجار والدعاة، وتفوق
الإسلام في أندونيسيا، وتفوق على الديانات الكنفوشية والبوذية والمسيحية.
حتى المغول الذين اكتسحوا العالم الإسلامي فقتلوا وحرقوا
ودمروا، نجدهم بعد ذلك يدخلون في الإسلام، وينضوون تحت لوائه، ويكونون من حماته..
لقد قلت في كتابي (الدعوة إلا الإسلام) أذكرهم: (لا يعرف الإسلا م بين ما ترك به
خطوب وويلات خطبا أعنت قسوة من زوات المغول.. على أن الإسلام لم يلبث أن نهض من
رقدته، وظهر بين الأطلال، واستطاع بواسطة دعاته أن يجذب هؤلاء الفاتحين البرابرة
ويحملهم على اعتناقه)
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 63