التفت إلى نيكولاس، وقال: أنت ترى أن الآية لم تأمر بشيء مما
يأمر به المستبدون.. لقد اكتفت بذكر الأحكام الشرعية التعبدية المحضة.. والتي
يتصور هؤلاء أنها لا تضرهم ولا تنفعهم.
بل إن النبي a في هذه النواحي الأخروية تعامل معهم برحمة لا نظير لها، فقد
روي أنه لما نزل قوله تعالى فيهم:﴿ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا
تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ
اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾
(التوبة:80) قال النبي a:(أسمع ربي قد رخص لي فيهم، فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة
لعل الله أن يغفر لهم)[2]
التفت الحكيم إلى دوج، وقال: هل ترى هذا المنطق، وهذه النفس
الطاهرة نفس مستبد؟
سكت نيكولاس، وقد تغير وجهه تغيرا شديدا، فقال الحكيم: أما النموذج الثاني، فهم اليهود..
ولاشك أنك تعرف اليهود، وتعرف ما أصابهم من إخوانك المسيحيين في جميع فترات
التاريخ..
أما مع محمد a، فقد أتيح لهم من الحرية ما لم يكونوا يحلمون به، فلذلك راحوا