بعد أن لم يجد نيكولاس ما يعترض به على الشورى التي كان يمارسها
رسول الله a في جمع
المجالات راح يقول: ولكن ممارسة الشورى وحدها لا تنفي الاستبداد، فقد يشاور
المستبد مستبدين مثله، فيمارس من خلالهم ما تهواه نفسه من الاستبداد.
قال الحكيم: صدقت في هذا.. جزاك الله خيرا..
كان لهذا الدعاء تأثيره الشديد في نفس نيكولاس الذي أشرق وجهه
بعد أن كان كالحا.
واصل الحكيم حديثه يقول: نعم.. لقد ذكر القرآن الكريم أن
المستبدين قد يتخذون وزراء يعينونهم على استبدادهم.. وقد ذكر القرآن من نماذج ذلك
فرعون الذي قال له ملؤه الذين كانوا مستشاريه:﴿ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ
لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ﴾ (الأعراف:127)
قال نيكولاس: فأنت توافقني فيما أقول إذن؟
قال الحكيم: لو وافقتك حقائق التاريخ لوافقتك.. فهلم جميعا نسأل
التاريخ عن موقف رسول الله a من العدالة التي هي نقيض الاستبداد.
لقد ذكر رسول الله a سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، أتدري من أولهم؟
سكت نيكولاس، فقال الحكيم: لقد ذكره رسول الله a فقال:(إمامٌ عادلٌ)، وذكر a (أن المقسطين عند الله على منابر
من نورٍ: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا)[1]، فأنت ترى رسول الله a كيف يعمم معنى العدالة لتشمل كل
شيء.
وأخبر a أن أهل الجنة ثلاثةٌ: ذو سلطانٍ مقسطٌ موفقٌ، ورجلٌ رحيمٌ رقيق
القلب لكل ذي قربى ومسلمٍ، وعفيفٌ متعففٌ ذو عيالٍ[2].
فهل يمكن لنبي يدعو إلى مثل هذا، ويأمر بمثل هذا أن يجور!؟