قال الحكيم: إن محمدا لم يترك المستضعف..
وإنما طمع في المستكبر.
لقد كان يعلم أن المستضعف من أتباعه،
وأنه ـ لذلك ـ يمكنه أن يتعلم منه في أي وقت.. أما المستكبر، فلم يكن من أتباعه،
ولذلك لا مطمع في سماعه منه إلا الفينة بعد الفينة.
قال روبرتو: فلم عاتب ربكم محمدا إذن؟
قال الحكيم: العتاب الموجه لمحمد a - في حال صحة ما رويت- هو في حقيقته توبيخ لذلك المستكبر..
فهو توبيخ لبس لباس عتاب.. ولم يكن العتاب مقصودا لذاته.
قال روبرتو: لم أفهم.
قال الحكيم: أرأيت لو أنك جلست مع أحمق
تريد أن تقنعه بشيء، وهو يجادلك فيه.. فجاءك صديق، وقال لك ـ وذلك الأحمق يسمع ـ:(لم
تضيع وقتك في الحديث مع مثل هذا.. إن الحديث مع هذا مضيعة للوقت).. هل ترى في
كلامه عتابا لك، أم تراه توبيخا لذلك الأحمق؟
قال روبرتو: أرى فيه كليهما.
قال الحكيم: ولكن العتاب الموجه إليك في
هذا عتاب منطلق من محب لك.. أم أنك تخالفني في هذا؟
قال روبرتو: أجل.. ذلك صحيح.. فلولا
محبته لي ما نهاني عن تضييع وقت مع من لا يجدي معه حديثي شيئا.
قال الحكيم: فهكذا قس الأمر على حال محمد
a مع ذلك المستكبر.. فالنبي a امرؤ امتلأ محبة لخلق الله وحرصا
عليهم.. فلذلك لم يكن يحمل أي حقد على أي أحد من الناس مستكبرا أو مستضعفا.. بل
كان يبلغ الكل.. ويحرص على الكل..