لقد سأله النجاشي ملك الحبشة: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه
قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم؟
فقال جعفر: أيها الملك، إنا كنا قوما أهل جاهلية ؛ نعبد
الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي
منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته
وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده، ونعبده، ونخلغ، ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من
الحجارة والأوثان، وأمر بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار،
والكف عن المحارم، والدماء، وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة
والزكاة، - فعدد عليه أمور الإسلام - فصدقناه وآمنا به واتبعناه.
التفت الحكيم إلى فرانكلين، وقال: ألا ترى العقل الذي يفكر به
أتباع محمد a.. لقد
استدلوا بما نصحهم به محمد a على صدقه.. فالنصيحة لا يمكن أن تخرج من غاش.. والصدق لا يمكن
أن يخرج من فم كذوب.
قال فرانكلين: ولكن الشريعة المبثوثة في كتب الفقه تحوي مفاسد
كثيرة، فكيف تزعم أن الأصول التي تستند إليها أصول صحيحة؟
قال الحكيم: فرق كبير بين كتب الفقه وبين الشريعة.. كتب الفقه
تحاول أن تصف الشريعة التي جاء بها محمد a، وهي قد تفلح في ذلك، وقد تخفق..
وإخفاقها لا ينبغي أن يكون مبررا للهجوم على الشريعة.
لقد ذكر علماء المسلمين أن الشريعة المستنبطة من النصوص المقدسة
لا يمكن أن تخالطها أي مفسدة أو غش أو مضرة، لقد نص على ذلك بعضهم، فقال: (إن
الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها
ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن
الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من
الشريعة وإن