طبيب، ولم يذكر أنه سيد الأطباء.

قال الحكيم: فإن حصل لطبيب من الأطباء أن اختير ليكون سيد الأطباء وعمدتهم بفضل ما تعلم من علوم وما حصل عليه من خبرة.. هل يكون إخباره بذلك لمرضاه ليزدادوا ثقة فيما يقول قاصدا الاستعلاء، أم قاصدا المصلحة؟

سكت فرانكلين، فقال الحكيم: لاشك أنك توافقني بأن مثل هذا لا علاقة له بالاستعلاء.. والنبي a كان أبعد الناس عن الاستعلاء.. وإنما كان يذكر ما يذكر من فضل الله عليه من باب تنفيذ ما أمره الله به في قوله تعالى:﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ (الضحى:11)، وقد جاءت هذه الآية الكريمة بعد تعداد ما كان عليه رسول الله a من فاقة، وما من الله به عليه بعدها من فضل، قال تعالى:﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)﴾ (الضحى)

أما الاستعلاء المجرد، والذي يحرص عليه المحتالون، فقد كان رسول الله a أبعد الناس عنه، وسأضرب لك مثالين يدلانك على ذلك:

لقد روي أن الشمس انكسفت يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم، جريا على عادة الجاهلية في أن الشمس تنكسف لموت العظماء، وقد كان في قدرة محمد a أن يستغل هذه الفرصة ليثبت من الاستعلاء ما يحرص عليه المحتالون، لكن النبي a قام خطيبا في أصحابه يحذر من هذه المقولة، ويقول:(إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي)[1]

وفي رواية:(إن أهل الجاهلية كانوا يقولون: إن الشمس والقمر لا ينخسفان إلا لموت عظيم من عظماء أهل الارض، وإن الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته،

[1] رواه البخاري ومسلم وغيرهما.