في مساء اليوم السادس.. وفي دار الندوة الجديدة.. دخل (جيري
فاينز)[1].. الطبيب النفسي.. بوجه لم يصعب
علي أن أتبين ما فيه من تغير.
لقد خرج في الصباح يحمل حقيبته الطبية بثقة عظيمة.. فهو ـ نتيجة
غلوه في الدراسات النفسية ـ صارت له قدرة عجيبة على أن يلصق أي مرض نفسي أو عصبي
بمن يشاء.. ولهذا كان المرشحون في الحملات الانتخابية يحضرون عنده ليدرس خصومهم،
لا لينتفعوا بما يذكره عنهم للعلاج، وإنما ليجعلوا تلك القوائم العريضة من الأمراض
وسيلة للإشهار بخصومهم.
وهو ـ لسبب لا أعرفه ـ لا يهتم إلا بالمشاهير، أو من أنجزوا
إنجازات ضخمة، بل إنه بقدر عظمة المنجزات تكون في تصوره كثرة الأمراض.. ولهذا لا
يسلم شخص من تهمه إلا إذا كان مغمورا خاملا لا علاقة له بالحياة، ولا علاقة للحياة
به.
عندما دخل ذلك المساء بذلك الوجه المتغير.. ابتدرته الجماعة
قائلة: ما الذي فعلت!؟.. ما نسبة نجاحك!؟.. هل هناك نتائج إيجابية!؟
صاح فيهم مثلما يصيح المجانين: لقد بعثتموني إلا مارستان
مجانين، ولم تبعثوني إلى ساحة الحرية.. إن كل من فيها مريض.. ويستحيل على جميع
أطباء الدنيا أن يشخصوا أدواء أولئك المرضى.. فكيف أستطيع أنا لوحدي علاجهم؟
[1] أشير به إلى (جيري
فاينز) راعي كنيسة في ( جاكسونفيل فلوريدا ) والتي يصل عدد أتباعها إلى 25 ألف
شخص، وهو من أبرز المتحدثين في المؤتمر السنوي للكنائس المعمدانية الجنوبية، والذي
يعد أكبر مؤتمر ديني يعقد في كل عام، وقد قام كلينتون وبوش الابن بمدح هذا القسيس
وعده من المتحدثين بصدق عن دينهم، ومن أقواله التي جعلتنا نختاره لهذا الفصل قوله
عن رسول الله a ـ في الاجتماع السنوي
للكنيسة المعمدانية الذي عقد في سانت لويس في ميسوري الأمريكية ـ:(.. شاذ يميل
للأطفال، ويتملكه الشيطان)