بسبب كونها وصيته الخاتمة لأمته جميعا.. لقد في تلك الخطبة:(يا
أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على
عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى ﴿ إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ (الحجرات:13)، ألا هل بلغت؟
قالوا: بلى يا رسول الله، قال:(فليبلغ الشاهد الغائب)[1]
وقد أخبر a عن مصير الأعراق التي يتفانى البشر في اعتبارها، فقال:(إذا كان
يوم القيامة أمر الله مناديا ينادي: ألا إني جعلت نسبا وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم
أتقاكم، فأبيتم إلا أن تقولوا فلان ابن فلان خير من فلان بن فلان، فاليوم أرفع
نسبي وأضع نسبكم، أين المتقون؟)[2]
ولهذا، فإنك لن تجد في القرآن.. في كل القرآن خطابا لقبيلة من
القبائل.. لا العرب ولا غيرهم.. فالله تعالى يخاطب الناس باعتبارهم بشرا..
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ
وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة:21).. ﴿ يَا أَيُّهَا
النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا
خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ (البقرة:168).. ﴿ يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا
اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيباً﴾ (النساء:1).. ﴿ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا
إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً﴾
(النساء:174).. وغيرها من الآيات الكثيرة التي يتوجه الخطاب فيها للبشر جميعا
باعتبارهم أناسي لا باعتبارهم أعراقا.
وهو يخاطب المتبعين للإسلام باعتبارهم مؤمنين.. لا باعتبارهم من
أي عرق من الأعراق.. وهو حين يصنفهم يصنفهم بحسب مراتبهم من الإيمان.. لا بحسب
أسباطهم أو أعراقهم أو سلالاتهم.. فالمؤمنون ليسوا بني لاوي أو بني يهوذا، وإنما
هم المقربون أو أهل