ومثل ذلك خرج أصحابه من غير أن يأخذوا معهم
دينارا ولا درهما..
ومع ذلك، فإن المسلمين لم يحركوا ساكنا في مواجهة أعدائهم إلا
بعد أن جاءهم الإذن الإلهي بحقهم في استرداد حقوقهم.. قال تعالى:﴿ أُذِنَ
لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ
لَقَدِيرٌ(39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ
يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ
لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ
اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ
لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40)(الحج)
التفت للجمع، وقال: هل ترون نبلا أعظم من هذا النبل الذي تحمله
هذه الآيات..
وهل يمكن لقاطع طريق أن يكون دافعه ما تدعو إليه هذه الآيات!؟
التفت إلى دوج، وقال: ومع ذلك.. لم يكن هذا هو الدافع الوحيد..
اقرأ التاريخ.. وستجد فيه تلك المكايد التي ظل المشركون
يدبرونها للمسلمين غير مكتفين بما سلبوهم من أموال، وما مارسوه قبل ذلك بهم من
أنواع الأذى.
لقد ذكر المؤرخون بأسانيد كثيرة لا تقل عن الأسانيد التي نقلت
بها أحداث المعارك التي ترمون بها محمدا a تلك المؤامرات الدنيئة التي كانت
تدبر لرسول الله a.
ومن ذلك أنهم كتبوا إلى عبد الله بن أبي سلول، بصفته رئيس
الأنصار قبل الهجرة، يقولون له:(إنكم
آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى
نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم)
وبمجرد بلوغ هذا الكتاب قام عبد الله بن أبي ليمتثل أوامر
المشركين من أهل مكة، وقد كان يحقد على النبي a لما يراه أنه استبله ملكه.
يقول عبد الرحمن بن كعب: فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن
كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقتال رسول الله a، فلما بلغ ذلك النبي a لقيهم، فقال: (لقد بلغ وعيد
قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر ما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون
أن تقالوا