قارن هذا بما فعله الأمريكان الذين تعتبرونهم مثلكم الأعلى
بالمستضعفين في العالم بسبب شيء بسيط حصل لهم.
قال دوج: كيف تسميه بسيطا.. وقد قتل فيه الآلاف؟
قال الحكيم: ولكن المجرمين انتقموا لهم بمئات الآلاف.. لقد دمرت
لهم بناية واحده.. لسنا ندري من دمرها إلى الآن.. فراح المجرمون ـ بما امتلأوا به
من إجرام ـ يدمرون بلادا كاملة.. بلادا آوت الحضارة لآلاف السنين..
راح المجرمون الذين يلبسون لباس الحضارة يمحونها بجرة قلم، ثم
يسبون محمدا والقيم النبيلة التي جاء بها محمد.
سرية رابغ:
طأطأ الجمع رأسه أسفا، لكن دوج حاول أن يبدل الموضوع، فأشار إلى
سيف من السيوف، وقال: هذا سيف يشير إلى سرية رابغ.
قال الحكيم: لقد وقعت هذه السرية في شوال سنة 1 من الهجرة [1]، وقد بعث لها رسول الله a ستين رجلاً من المهاجرين، فلقوا
أبا سفيان - وهو في مائتين - على بطن رابغ، وقد ترامي الفريقان بالنبل، ولم يقع
قتال.
التفت الحكيم إلى دوج، وقال: أنت ترى أن هذا السيف الثاني الذي
عددته من جملة السيوف لم يقتل أحدا.. وفي عصرنا لا يعتبر مثل هذا حربا.. ولا تعتبر
مثل هذه المعركة معركة.. إنها لا تختلف عن أي دورية بسيطة يقوم بها بعض الجنود
لحماية الثغور.. ولكنكم لا تريدون إلا أن تهولوا، فتعتبروا كل حركة يقوم بها النبي
a ليؤمن
الجو لدعوته، ولمجتمع دعوته معارك لا تقل عن المعارك التي تمارسونها بما جبلتم
عليه من حب للصراع.
[1] هكذا ذكر غير واحد من
أهل السير، وذكر أبو الاسود في مغازيه، ووصله ابن عائذ عن ابن عباس أن النبي a لما وصل إلى الابواء
بعث عبيدة بن الحارث في ستين رجلا، فذكر القصة، فتكون في السنة الثانية، وصرح به
بعض أهل السير.