موضعه المشركون.. لكن ذلك الصوت بلغ إلى آذان المسلمين،
فأسرعوا إليه حتى تجمع حوله حوالى ثلاثين رجلاً من الصحابة.
وبعد هذا التجمع أخذ رسول الله a في الانسحاب المنظم إلى شعب الجبل،
وهو يشق الطريق بين المشركين المهاجمين، واشتد المشركون في هجومهم لعرقلة الانسحاب
إلا أن بسالة المسلمين لم تمكنهم من ذلك.
في ذلك الموقف الحرج تقدم عثمان بن عبد الله بن المغيرة، وهو
أحد فرسان المشركين إلى رسول الله a وهو يقول: لا نجوت إن نجا، وقام رسول الله a لمواجهته، إلا أن الفرس عثرت في
بعض الحفر، فنازله الحارث بن الصِّمَّة، فضرب على رجله فأقعده، ثم ذَفَّفَ عليه
وأخذ سلاحه، والتحق برسول الله a .
وعطف عبد الله بن جابر، وهو فارس من فرسان مكة على الحارث بن
الصِّمَّة، فضرب بالسيف على عاتقه فجرحه حتى حمله المسلمون ولكن انقض أبو دجانة
على عبد الله بن جابر فضربه بالسيف ضربة أطارت رأسه.
وهكذا.. إلى أن بلغت هذه الكتيبة إلى شعب الجبل، وشق لبقية
الجيش طريقاً إلى هذا المقام المأمون، فتلاحق به في الجبل.
في ذلك الموقف جاء أبي بن خلف مسرعا نحو رسول الله a وهو يقول: أين محمد؟ لا نجوتُ
إن نجا، فقال القوم: يا رسول الله، أيعطف عليه رجل منا؟ فقال رسول الله a :(دعوه)، فلما دنا منه
تناول رسول الله a
الحربة من الحارث بن الصمة، فلما أخذها منه انتفض انتفاضة تطايروا عنه تطاير الشعر
عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله وأبصر تَرْقُوَتَه من فرجة بين سابغة الدرع
والبيضة، فطعنه فيها طعنة تدحرج منها عن فرسه مراراً.
فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشاً غير كبير، فاحتقن
الدم، قال: قتلني والله محمد، قالوا له: ذهب والله فؤادك، والله إن بك من بأس،
قال: إنه قد كان قال لي