لقد وقعت هذه الغزوة مباشرة بعد غزوة أحد[1] وكانت متوجهة لبني قريظة[2]، لا شك أنكم تعلمون جريمتهم الكبرى
التي فعلوها في غزوة الأحزاب.. لقد كان مصير الإسلام والمسلمين بين أيديهم، ولولا
ما قدره الله من الفتنة بينهم ما بقيت للمسلمين باقية.. لقد كانوا بمثابة الباب
الذي فتح على حصن المسلمين..
ولذلك ما إن انصرف رسول الله a من الخندق ودخل المدينة هو وأصحابه
ووضعوا السلاح.. وجاء وقت الظهيرة حتى أتى جبريل u رسول الله a معتجراً بعمامة من استبرق على بغلة
عليها رحالة عليها قطيفة من ديباج، فقال: أوَقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال:(نعم)،
فقال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح بعد، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم إن
الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة فإني عامد إليهم فمزلزل بهم.
فأمر رسول الله a مؤذناً، فأذن في الناس من كان سامعاً مطيعاً، فلا يصلين العصر
إلا في بني قريظة.
وقدم رسول الله a عليّ بن أبي طالب برايته إلى بني قريظة وابتدرها الناس، وكان
عدد من خرج إلى القتال ثلاثة آلاف والخيل ستة وثلاثين فرساً.
دنا عليّ من الحصن، ومعه نفر من المهاجرين والأنصار وغرز
اللواء عند أصل الحصن، فسمع من بني قريظة مقالة قبيحة في حقه a فرجع حتى لقي رسول الله a بالطريق فقال: يا رسول الله لا
عليك ألاّ تدنو من هؤلاء الأخابث، قال: لِمَ؟ أظنك سمعت لي منهم أذى، قال: نعم يا
رسول الله، لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئاً، فلما دنا رسول الله a من حصونهم قال:(يا إخوان القردة هل
أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته؟)، قالوا: يا أبا القاسم ما كنت