قال: لقد كانت همته أن يصير حمارا.. لكنهم ـ بسبب ما قدم لهم ـ
احترموه، فحولوه فرسا.
قلت: فحدثني حديثه.. وكيف انتهى.
قال: لعل أول مرة في حياته يصطدم بجدار صلب هي تلك التي حصلت له
في ميدان الحرية، ومع ذلك الرجل الحكيم.
قلت: فأخبرني خبره.
قال: لقد دخل في ذلك المساء ميدان الحرية بوجه غير الوجه الذي
ذهب به، فابتدرته الجماعة قائلة: ما الذي فعلت!؟.. ما نسبة نجاحك!؟.. هل هناك
نتائج إيجابية!؟
نظر إليهم بعينين ذليلتين وكأنه خائف على شيء أن ينزع منه، ثم
قال: لقد حاولت كل جهدي.. لكنكم تعرفون القوم.. لا منطق يحكمهم، ولا قوانين
تضبطهم.. ولكني استفدت أشياء كثيرة سأحولها إلى رواية أعظم من رواية الشيطان التي
كان الشيطان أوحاها لي.
ابتدر أخي، فأخذ القرص، ووضعه في القارئ، وبدأ شريط الأحداث:
ظهر سلمان في ساحة الحرية، وهو يصيح في الجموع الكثيرة المتفرقة
قائلا: هلموا.. فسأروي لكم اليوم رواية تملؤكم سرورا.. وتملؤكم في نفس الوقت وعيا.
اقتربت الجموع منه، فقال ـ وقد غير نبرته لتشبه نبرة الحكواتي
ـ:(كان يا ما كان في قديم الزمان.. وسالف العصر والأوان.. رجل له تسع من النسوان..
ولم يكن له هم في الحياة إلا رضاهن.. ولم يكن له مقصد إلا العبث معهن وبهن)
قال رجل من الجمع: حسبناك ستحدثنا عن الرجال، فإذا بك تحدثنا عن
زير نساء.
قال سلمان: أتعرف من هذا الذي أريد أن أحدثكم حديثه؟
ابتسم رجل من الجمع، وقال: ربما تريد أن تحكي لنا قصتك.. فإن
ملامح وجهك لا